الاثنين، 9 مايو 2011

يا أبتي .. أحترمني ..تمتلك ناصيتي..



يا أبتي .. أحترمني .. تمتلك ناصيتي


كتبهاسوسنة ، في 27 كانون الأول 2010 الساعة: 07:47 ص




 






يا أبتي .. أحترمني ..تمتلك ناصيتي..




احترام طفلك ..احترامك


 عزيزي المربي .. لُطفًا..هل تحترم أبنائك..؟


 لعل أسرع إجابة تتبادر إلى ذهنك هي:"من يحترم من؟ أنا أحترم أبنائي؟ وكيف يكون ذلك؟ إن ما كبرنا عليه أن الصغير يحترم الكبير، والكبير يعطف على الصغير..فما هذا الذي تسألون عنه …؟!


 أعزائي..المربين والمربيات


 في العام السادس من عمر الطفل يدق باب قلبه السؤال التالي: (هل الكبار يحترمونني حقًا؟)..فما هي الإجابة لدى كلٍ منا ؟؟


 تؤكد الدراسات النفسية أن ثمة حاجات نفسية أساسية يحتاج إليها كل إنسان صغيرًا كان أم كبيرًا، وتؤكد الدراسات العلمية الدقيقة أن عدم تلبية هذه الحاجات في مرحلة الطفولة تدفع بالطفل إلى محاولة سدّها بطرق مغلوطة وغير مقبولة في معظم الأحيان، كالانطواء على الذات والشعور، أو العدوانية وممارسة العنف كردة فعل هجومية نحو المحيط الأسري الذي لم يشبع تلك الحاجات أو يتفهم تلك الدوافع، ومن أهم تلك الحاجات: حاجة الطفل للشعور بالقبول والاحترام.


 وإذا كان الاحترام قيمة خلقية وتربوية هامة، فماذا تعني هذه الكلمة؟


 جاء في المعجم الوجيز: احترمه: )كرّمه


 إن احترامنا لشخص ما يعني: تقديرنا له، ويعني أحيانًا اهتمامنا به، ويعني أحيانًا ثالثة تكريمنا له. إذًا الاحترام يدور بين معاني:التقدير والاهتمام والتكريم.


 إنه خَلْقٌ كريم..يستحق الاحترام:


 ما أن ولد الطفل حتى صار من "بني آدم" والله عزّ وجلّ قد كرّم بني آدم، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء:70]، فلابد إذًا أن نكرمه ونعتقد اعتقادًا جازمًا بأنه ذات محترمة..بمعنى أن نحترم "الإنسان" في ذات الابن!!


والإنسان بفطرته يتوق إلى من يشعره بأنه كريم، ويحترم إنسانيته، والابن ـ على وجه الخصوص ـ يسعى للحصول على الاحترام والتقدير من والديه، ويكره أن يستهين به أحد، أو أن يحقره، ويحس بألم وضيق نفسي إذا تلقى ذلك الأسلوب في التعامل، ويسعى لتلافيه ما استطاع.


 عدم احترام الأبناء قد يؤدي إلى جنوحهم..!


 إذا اغترب الطفل عن والديه؛ فلن يكون لديه إحساس بالقيم والضمير، وإذا ضعفت الرابطة بالوالدين ازدادت احتمالات السلوك الجانح، وإذا كان الفقر هو أم الجريمة، فإن نقص التقدير السليم هو أبوها..وإن الشخص الذي يلفظه مجتمع ما، يبتلعه مجتمع آخر.


 لذلك يعدّ خبراء التربية، ويؤكد لنا الواقع أنّ انتهاج عدم الاحترام والتقدير للأبناء كأسلوب غالب للتعامل معهم؛ من أقوى أسباب اتجاههم نحو الجنوح والانحراف، حيث أنّ إهانة الطفل، والاستخفاف به، وإذلاله يولد لديه مناعة ضد كل النصائح التي تلقى عليه من الوالدين، مما يدفع به لالتماس المدح وتقدير الذات والمواهب من الآخرين، وفي هذا خطر كبير علي الأبناء، لأنه يساعدهم على الانسلاخ من المجتمع الأسري، ويؤدي بالتالي إلى طاعة رفاق السوء، والإستجابة لتوجيهاتهم، التي غالبًا ما تؤدي بهم إلى طريق الإنحراف وصور الجنوح المختلفة.


بينما نجد أن احترام إنسانية الابن، والتعامل معه على أنه عضو محترم من أعضاء الأسرة، يعد من أقوى وسائل جذبه ناحية الأب والمربي..ومن ثمّ فهي الطريقة الأمثل لوقايته وإصلاحه، بل إنه يمنحه ما يشبه اللقاح ضد مصيدة الجريمة، والعنف، والفشل الدراسي، وغيرها من المخاطر التي يخشاها المربي على ولده.


 خير المربين يقدر الصغار:


 ولقد لفت النبي صلى الله عليه وسلم نظر الأمة إلى مسألة احترام كيان الطفل وتقديره من خلال أقواله صلى الله عليه وسلم، ومن خلال سلوكه الشخصي، ومن خلال تعامله مع الأطفال، وفي ذلك يقول أنس رضي الله عنه: (إن كان النبي صلى الله عليه وسلم لَيخالطنا حتى يقول لأخٍ لي صغير:"يا أبا عميْر..ما فعل النغيْر؟) [رواه البخاري]، وذلك ليعلم الأمة كيف يكون التنزّل لمستوى الصغار، والاهتمام بالأشياء التي يهتمون بها.


 وإذا كان عدم احترام الآباء لأبنائهم كثيرًا ما يظهر في اللغة التي يتحدثون بها معهم، خاصة بعد أن يصدر عنهم ما يعتبر مخالفًا لرغبات الآباء والكبار فلقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك أيضًا، فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (مر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكر وهو يلعن بعض رقيقه، فالتفت إليه وقال لعانين وصديقين كلا ورب الكعبة، فعتق أبو بكر رضي الله عنه يومئذ بعض رقيقه، قال ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لا أعود)[صححه الألباني في صحيح الترهيب والترغيب، (2785)]، وبالطبع بالابن أولى بحسن الخطاب من الرقيق، فهو وإن كان صغيرًا إلا أنّ له مشاعر كاملة، والكلمة الجارحة لها وقع أليم على نفسه، لا يقل عن ألم وقع السياط على بدنه الغض الطري.


 فلننتبه عند تعليمهم وتوجيههم:


 لأن الغرض التربوي من نقد سلوك الطفل أو هيئته أو أسلوب كلامه هو مساعدته على التصويب والوقوف معه في المواقف الحرجة حتى يتجاوزها، ثم توجيهه ليتعلم منها، وليس إذلاله وإهدار كرامته بانتقاده أمام الآخرين، أو استخدام أسلوب السخرية اللاذعة، أو الهجوم وعدم الإستماع إلى وجهة نظره، بل سبيلنا النقد السرّي الودود المهذب، الذي لا ينتقص من كرامة الطفل أو يحرجه.


 ونشجعهم على بناء ثقتهم بأنفسهم:




 من صور احترامنا لأبنائنا، تشجيعهم على إبداء الرأي والنقد في حدود الأدب، وإفساح المجال أمام بوادر نبوغهم، ولنا في الفاروق رضي الله عنه قدوة في هذا الموقف الفريد، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :(إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي مثل المسلم حدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة، قال عبد الله فاستحييت، فقالوا : يا رسول الله أخبرنا بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة، قال عبد الله: فحدثت أبي بما وقع في نفسي، فقال : لأن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا) [رواه البخاري].


 قال ابن حجر معلقًا على الحديث:( كأنه أشار بإيراده إلى أن تقديم الكبير، حيث يقع التساوي، أما لو كان الصغير ما ليس عند الكبير، فلا يمنع من الكلام بحضرة الكبير، لأن عمر رضي الله عنه تأسّف حيث لم يتكلم ولده، مع أنه اعتذر له بكونه بحضوره وحضور أبي بكر، ومع ذلك تأسف على كونه لم يتكلم).


 ومن صور احترامنا لهم، كذلك:


 - من احترامنا لأبنائنا تلبية رغباتهم وتطلعاتهم في حدود المتاح، وفي حدود الإعتدال أيضًا؛ ولا ننسى أن الدلال الزائد وتلبية رغبات الطفل يؤدي إلى نفس النتيجة السيئة التي يؤدي إليها الشحّ على الطفل، وإمساك النفقة عنه.


 - مخاطبة الطفل بلهجة مملوءة بالتقدير والعطف والحنان وعبارات اللطف والمجاملة، مثل:(ما رأيك في أن تساعدني في إعداد الإفطار؟) بدلًا من:( هيا قم ساعدني ألا تراني متعبة؟ حقًا أنت عديم الفائدة..!)


 - مناداة الأبناء بما يحبون من الأسماء والكُنى التي يحسن أن نكنيه بها، مثل:(أهلًا يا بطل، أين أبو العباس؟، مرحبًا أبا عمرو..!)


 - الابتعاد التام عن نبذهم بالألقاب السيئة، والتي تشيع في كثير من بيوت المسلمين، وتجري على ألسنة الآباء والأمهات مثل:(كلب، حمار، قرد، شيطان…) ووصفهم بالصفات السيئة التي تقلل من شأنهم، مثل حقير، تافه، غبي، متخلف، منحرف).


 - احترام مشاعر الطفل حيال أخطائه، فلا نذكره بأخطائه دائمًا، أو نعلق عليها على الملأ، غير عابئين بمدى الحرج والألم النفسي الذي يشعر به وقتئذ..! بل نتعامل مع بآداب النصيحة في انفراد، ثم نعتمد أسلوب طيّ الملفات.


 - من جملة احترام الأبناء، الاهتمام بآلامهم، والاهتمام بمشاكلهم ومساعدتهم على تجاوزها، مثل ما يحدث أحيانًا بينهم وبين زملائهم في المدرسة، أو يكون لدى أحدهم مشكلة دراسية، أو مشكلة في تعلم بعض الأمور، فجزء من احترامنا له أن نهتم بتلك المشكلات، ولا نتركه للمعاناة.


 عزيزي المربي


 احترام الأبناء ببساطة هو أن تصبح مسافة الهواء التي تفصل بين جسد الطفل وجسد الوالدين ممتلئة بالدفء لأنهم يرون أنّ هذا الطفل جدير بالاهتمام والتقدير والتكريم وأن أخطاءه مهما كانت.. قابلة للإصلاح والتوجيه.


 وأخيرًا..


 نعم..إنّ التنظير سهل، والممارسة التربوية شاقة، وتحتاج إلى وعي وتركيز، وتحتاج كذلك إلى صبر كبير، ونفس طويل.


 لكن لنتذكر دائمًا أننا نتقرب إلى الله تعالى من خلال القيام بواجبنا في التربية على أكمل ما نستطيع، وفاءًا بحق الأبناء علينا، وإعذارًا لأنفسنا أمام الله تعالى،


 وكل ما نقدمه لهم من قيم راقية تتشربها أنفسهم من خلال تعاملنا معهم؛ فسوف نجنيه غدًا فرحًا بصلاحهم وأدبهم، وقرة عين ببرّهم لنا إن شاء الله..

منقوووووووووووول
سوسنة 
بنت المهجر
أنين الأرض



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.