السبت، 28 مايو 2011

(كتاب مدارج السالكين)كله لابن القيم الجوزى

مقدمة
القلوب التي تعيش بلا إيمان قلوب تعيسة..مريضة تسيطر عليها الظلمة من كل اتجاه
صاحب هذا القلب المظلم لا يهتم إلا بالماديات
لقد أصبحت العلاقات بين الناس تقوم على المصلحة وتبعد كل البعد عن الروحانيات
ومن هنا يجب أن تنتبه إلى ضرورة إيقاظ الإيمان في القلوب وتنقيها من الأمراض
التي تنتابها ومن الأنانية وتغليب المصالح الشخصية
يجب أن نربى قبل أن نصدر تعليمات ونطالب بواجبات فالرسول صلى الله عليه وسلم
ركز كل الـتركيز على الإيمان في بداية الدعــوة وذلـك ساعــد الصحـــابة علـــــى
تطبيق التشريع دون معارضة.
فتعالوا بنا ننهل من التربية الإيمانية من خلال شرح مبسط لمد ارج السالكين" لابـــــن الـقيـــــم الجو زى "


التربية الإيمانية:
مما يشغل بال كل مسلم وذلك :

أولا:
لدفع الفتورفى الإيمان , ونقصان الإيمان وتداعى الإيمانيات , وكثرة الذنوب والمعاصي , وعدم التقدم العلمي ولا الايمانى , كل هذه أمراض يعانى منها كل إنسان يلتزم بدين الله في هذه الأيام , وسر ذلك عدم الإلمام العلمي بجانب علم الإيمان لذلك كان الصحابة يهتمون بجانب العلم الايمانى بخلاف ا لعلم الخبري " دراسة الفقه والعقيدة "أما الأخر(الايمانى) فهو علم عملي بمعنى أن هذه الأمور التي نعتقدها أمور غالبها نظريا وان كنا مطالبين بإيقاعها عمليا على الواقع وهذا لا يكون إلا بالعلم الذي نتحدث عنه وهو علم السير إلى الله عز وجل
لذلك كان الصحابة يقولون أن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن ثم تعلمنا القرآن فازدادنا إيمانا
والدليل على ما نقول حديث في صحيح مسلم
حدثنا رسول الله عن نزول الأمانة فقال " نزلت الأمانة في جذر قلوب الرجال ثم علموا من القرآن وعلموا من السنة (فالإيمان قبل العلم )وهذا ما نسميه علم الإيمان أو علم القلوب فالأيمان ما وقر في القلب وصدقة العمل فلذلك هو مهم جدا ولكن للأسف الشديد أكثر ما انفردوا بالكلام فيه هم الصوفية لذلك أهل السنة كانوا يتوجسون خيفا من هذا التوجه ونتيجة الخوض في معارك مع الصوفية وغيرهم من أهل البدع في علاج البدع والتحذير منها وصلت إلى درجة ظاهرية النصوص والوقوف مع ظاهرية النصوص فأفقد هذه النصوص روحها
أي حين ندرس توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات نجد أن الغالب على دراستنا أن نقول أن توحيد الربوبية كان يقر به المـشركـون ولم ينكره احدالا ملا حـدة هذا الـعـصر وإنما قــامـــت المعــــارك
وأرسل الرسل وانزل الكـتب من اجل تــوحيد الألـوهـية وتــوحيد الــصـفــــات
والأسماء , إذا درسناه نظل نتكلم طـول الوقـت على الــرد على المعطلة والمـجـسـمة والمشبـــهة والشـــبهات ولم نصل فعلا إلى دراســــــة تـــوحــيد
الربوبية في دراسة الظواهر الكونية لزيــــــــادة الإيمــان , لنــــدرس فعــــلا
توحيد الربو بيه وان كنا فعلا مقرين به ,الذي خلق السماء ورفعهــــا وبســط
الأرض وأجرى أنهارها وأجرى الماء وانزل المطر وانبت الزرع وخلق الإنسان وأجرى دمه في عروقه (هو الله ) ، ولابد أن نقـــف لنتأمــــل أفعـــال
الله عز وجل لنزداد أيمانا كذلك نفس الشيء في توحيد الألوهية وهو توحيــد الله بأفعال العبادة .
ينبغي فعلا أن تسجد قلوبنا قبل أن تسجد أجسامنا وأن تحرم قلوبنا قبل أن تحرم أجسامنا وتذكر قلوبنا قبل ألسنتنا
لماذا ندرس منازل السائرين إلى رب العالمين ؟
أولا:- لأننا في زمن مادي بحت ( مثل سيطرة الكمبيوتر ) فلابد أن نواجهــــــه
بحيوية أيمانية روحية عالية والا سيضيع إيمانك حتما( مثل التاجر الذي يكون كل همه المال وتسديد الفواتير وكل قلبه منصرف لذلك )
ثانيا : ـ أهمية القلوب معلومة ( أن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم
فدراسة المنازل لتطهير القلب مما فيه من مشاغــــل ، ليس تطهــــير بمجـــرد
الإزالة ولكن بالإزاحة والإحلال ، أي نضع معاني أيمانيــــة تطـــرد المعانــــي
الدنيوية والشيطانية والهوائية .
ذكر أبن القيم في دراسة أحوال السابقين المقربين وهذه في منازل السابقين المقربين لأننا في كل منزلة من المنازل سنذكر ثلاثة أشياء :
منزلة العامة ومنزلة الخاصة ومنزلة خاصة الخاصة ، هي الظالم لنفسه والمقتصد والسابق

يصف أبن القيم السابقين المقربين فيقول نستغفر الله من وصف حالهم وعدم الاتصاف به , بل ما شممنا له رائحة (وهذا تواضع منه) وكلامه هذا من باب الإزراء على النفس وسوء الظن بالنفس, قال بل ما شممنا له رائحة ولكن محبة القوم تحمل على التعرف على منزلتهم والعلم بها فمعرفة حال القوم فوائد عديدة , منها وهذه هي
(ثالثا) :ألا يزال المتخلف المسكين مذريا على نفسه زاما لها ومنكسر (مثالا :-ممكن أن ينظر إنسان متشعلق في أتوبيس مزدحم إلى رجل يمشى بجانب الأتوبيس في سيارة مكيفة ويتحسر على نفسه الأفضل أن ننظر مثلا لرجل مثل عثمان بن عفان الذي أوتر ركعة في الكعبة قرأ فيها كل القران.وهذا الانكسار إلى الله من أحب الأعمال إلى الله ,لان الكبر والعجب والغرور من اشد الأشياء التي تجعل الله يكرهك ويطردك .
(رابعا): والا يزال منكسر القلب بين يدي الله تعالى ذليلا حقيرا يشهد منازل السابقين وهو في زمن المنقطعين , فيبقى فعلا منكسر , بيذل لله فبدل من أن تبقى همومه الدنيا والماديات , تصبح مطالبه أن يعيش هذه الإيمانيات في الدنيا ا قبل أن يموت.( ربنا يقول:-ما خلقت الجن والإنس إلا يعبدون) فالغافلون كالأنعام بل أضل .
(خامسا) أن عساه أن تنهض همته يوما إلى التثبت والتعلق بساقه القوم ولو من بعيد كذلك ولعله أن يصدق في الرغبة واللجوء إلى من بيده الخير كله .
مثلا: رجل لا يعلم فقه قيام الليل , عندما يكون قلق فانه يذهب يتمشى بالليل , أو يدخل البلكونة لأنه لا يعلم أهمية قيام الليل.
ومن الممكن أن يقرا الإنسان جزءا أو اثنين من القران دون تدبر , ليس المقصود القراءة ولكن الأهم حسيت بأية , عشت أية , ما المعنى الذي وقع في قلبك من اجل ذلك لابد من منزلة التدبر وان تعيش القران حقيقة .
وكثير من الناس تطوف حول الكعبة ومعها مصحف لأنه لا يدرى ماذا يقول غير قراءة القران ولكنه لو عرف معنى الإخبات إلى الله لطاف كل الأشواط وهو يدعو ربه أن يرزقه الإخبات في قلبه ليعيش به لله ويموت له ووقتها بعد أن يعرف الإخبات فسيرزق الكثير من الأدعية التي سيجريها ربنا على لسانه , اى يلهمه ربنا أن يطلب الذي يريد ربنا أن يعطيه له.
فعندما يتعلق الإنسان بهؤلاء القوم الصالحين "التعلق بساق القوم ".
ويصدق في الجأ إلى خالق القوم ومن بيده الخير كله أن يلحقه بالقوم ويهيئه لأعمالهم فيصادف ساعة إجابة لا يسال الله شيئا الااعطاه .لذلك كان من الدعاء اللهم أصلحنا لكي نصلح أن نكون عبيدا لك .
مثلا : لو الباشا فلان أراد أن يشغل احد عنده فيجب أن يلبسه ويهيئه لكي يصلح أن يشتغل عنده كذلك الله لو أراد أن تكون عبدا له لابد أن يهيئك لذلك.
"إن الله اشترى من المؤمنين أموالهم وأنفسهم بان لهم الجنة "وربنا لما يشترى اى حاجة ,لابد أن يشترى عبد يصلح لعبادة الله لذلك اشترط ربنا 10 شروط:-
التائبون , العابدون , الحامدون , السائحون ,الراكعون , الساجدون و الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين.
عشر شروط للعبد الخاص أي (( عباد الرحمن )) الذي اصطفاهم ولكن الباقي عباد قهر وناداهم الله بقوله (( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم )) فهم عباده أيضا ولكننا نقصد الخاصة ، فكل الخلق حتى الخاصة يسألون الله ،حتى الشيطان طلب من الله أن ينذره فأعطى له طلبه .
ولكن يجب على الإنسان أن يكونوا من عباد الله الخاصة لكي يحبك ويكون سمعك وبصرك ويدك التي تبطش بها ، وعندما يحبك يوفقك ويعيشك على مراده .
(( كن لله كما يريد يكون لك فوق ما تريد ))
سادسا : ـــ أن هذا العلم من أشرف علوم العباد وليس بعد علم التوحيد أشرف منه ، وعلم التوحيد هو علم معرفة الله ولكل علم فضله وقدره بقدر ما يتوصل إليه منه فلكون علم التوحيد يتوصل منه إلى معرفة الله فهو من أعظم وأشرف العلوم .
علم الأيمان هو الذي يوصل لله ولذلك فهو لا يناسب إلا النفوس الشريفة وليس الدنيئة
مثلا : لا ينفع أبدا أن يكون واحد همته خمسة مليون جنيه ويدرس هذا العلم ، لابد أن تكون الجنة بل أعلى من الجنة ((رضا الله )) هي همته .
سابعا : إذا وجدت أن هذا العلم تأنس له نفسك وترتاح إليه فأستبشر بالخير فقد أهلته للخير وعندما تدرس هذا العلم قل لنفسك يا نفس قد حصلت على شطر السعادة فأحرصى على الشطر الأخر لأن السعادة شطرين ، العلم والعمل فإذا حصل العلم فيجب أن نعمل بما تعلمناه ، إذا كان هناك اثنين أحدهما يعلم العلم ولكنه لا يعمل به والأخر جاهل فالعالم أفضل ولكن أفضل منهما العالم العامل .
ثامنا : ــ إذا كان طلب علم الإيمان همه ومطلوبة فلابد أن ينال منه ، مثل الطالب الذي يضع في دماغه أن يحصل على 100% فانه سيحصل على 90 % وإذا كان في دماغه مقبول فأنه سيسقط ، القضية أنك لو وضعت في دماغك هذا العلم فستحصل منه ولو قليل وبحسب استعدادك ولو بدون قصد ستعمل بالعلم لان العلم موجود وهذا كله خير لك عند الله
تاسعا : ــ لعله أن يجرى على لسانك ما ينتفع به غيرك ، حتى بقصد أو بدون قصد ممكن تقول العلم لأي حد ( الزوجةـ الأولاد ) ولو أنتفع بهذا العلم أحد ستأخذ أجر عمله كأنك عملته ففوائد هذا العلم لا تنحصر واحذر من يحبطك عن هذا العلم ,اى بمجرد العلم.
لماذا لان هناك فرق بين العلم والحال إياك أن نظن انك بهذا العلم سرت من اصل هذا الحال فهناك فرق بين العلم بوجوه الغنى وبين الغنى بالفعل , هناك من يعرف من أين يأتي بالفلوس ولكنه ليس لديه فلوس ,هناك فرق بين الطبيب الذي يعرف أسباب الصحة وهو مريض وبين الصحيح بالفعل فالقضية ليس علم فقط فهو خطوة .
علم بدون عمل نفاق وعمل بدون علم مبتدعة , لابد من العلم والعمل معا لأنه من يعمل بدون علم فهو مبتدع في دين الله.
(في معرفة الطريق إلى الله )
قال بن القيم الناس قسمين عليا , سفلى . العليا من عرف الطريق إلى ربه وسلكها مقصده الوصول إليه وهذا هو الكريم على ربه .
والسفلى من لم يعرف الطريق إلى ربه ولم يتعرفها فهذا هو اللئيم الذي قال الله فيه ومن يهدا لله فماله من مكرم .
فسيجب على الإنسان أولا أن يعرف الطريق .
ثانيا :السير فيه .
ثالثا: إن يقصد بهذا العلم والسلوك الوصول إلى ربه .
ما عرف الطريق إلى الله احد قط إلا وسلكها ووجد فيها لذته ومتعته وإنما إذا خان هذا الطريق وخالفها وابتعد عنها فهو لكونه غير عارفها جيدا . قال الشافعي "ما خان أمين قط ولكن اؤتمن غير أمين فخان ".
وقال الشعبي على نسقها:-" ما ابتدع عالم قط ولكن استفتى جاهل فأفتى بغير علم ".
معرفة الطريق من اكبر عوامل الثبات على دين الله لسلوك الطريق لابد من قوة علمية وعملية .
علمية :- أن تعرف هذا الطريق جيدا .
عملية :-أن تكون عندك القوة الذاتية القلبية على السير في هذا الطريق.
والطريق إلى الله واحد لا تعدد فيه هو صراط مستقيم فانه سبحانه هو الحق المبين والحق واحد مرجعه إلى واحد , وإما الباطل والضلال فهو لا ينحصر وكل طريق إلى الباطل باطل .
فالباطل متعدد وطرقه متعددة , إما الحق فهو واحد.
ويقول بن القيم "العبد السار إلى ربه يتعلق قلبه بالله فلا يرقى في قلبه إلا محبة الله وطلب التقرب إليه.
ووصف بن القيم المقربين :-إنهم قوم قد امتلأ ت قلوبهم من معرفة الله وغمرت بمحبته وخشيته وإجلاله ومراقبته فسرت المحبة في أجزاءهم فلم يبقى منها مفصل إلا ودخله الحب , قد أنساهم حبه ذكر غيره , فهو مشدود إلى الله تلقائيا فإذا سلك العبد على هذا الطريق عطف عليه ربه فقربه واصطفاه واخذ بقلبه إليه وتولاه إنما ضاع الكثيرين بسبب إنهم إذا اقبلوا على الله اقبلوا بنصف قلوبهم أو 90% من قلوبهم والله غيور لا يقبل إلا الكل اى لا يقبل شريك معه والنجاة الوحيدة للعبد أن يأخذ الله بيده ويتولاه في أمور معاشه ودينه وتولى تربيته أحسن وابلغ مما يربى الوالد ولده فهو القيوم المقيم لكل شيء منا لمخلوقات طائعها وعاصيها فكيف تكون قيومته لمن أحبه وتولاه ورضي به حبيبا وهاديا وناصرا .
قال تعالى : "أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت" فالله يقيمك ويقيم حياتك ويسيرك أفضل مما تحبه لنفسك .
فحين يطلب العبد رضا الله ويعيش له فانه لا يغتر على الله فهو راضى باختيار الله وان خالف اختيار الله مراده .
مثالا :- اى إذا كان يريد العبد الغنى وأراد الله له الفقر فليرضى باختيار الله وكذلك في الصحة والمرض .
يقول ابن القيم :- قد أكثر الناس القول في صفة منازل إياك نعبد التي ينتقل فيها القلب منزلة منزلة وأكثروا في عدها فمنهم من جعلها ألف منزلة ومنهم من جعلها مائة وكلا وصفها بحسب سيره وسلوكه "طريق تجربته"وكلا له اختلاف في بعض منازل السير فهي من قسم الأحوال أم من قسم المقامات .
فما الفرق بين الحال والمقام؟
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "عليكم بالصدق فأن الصدق يهدى إلى البر وان البر يهدى إلى الجنة"
هنا تعلم أن الصدق ليس حال أو مقام وإنما هو درجة أولى اى هو" لوامع ولوائح وبروج" وعندما نبدأ نصدق فسيكون حال.
"وان العبد ليصدق ويتحرى الصدق(حال) حتى يكتب عند الله صديقا" هذا مقام الصديقين اى أن الإنسان يتعلم ثم يعمل ثم يصل إلى مقام التمكن , لذلك فان الحال لا يعلم إنما يعلم المقام مثلا هنا من يسال كيف أبكى هنا لا يمكن أن نعلمه كيف يبكى ولكن نعلمه أن يخاف وبذلك يبكى , فانك إذا تمكنت في مقام فالحال راسخ لكن كثيرا من الناس في المسجد مثلا عندما يسمع قران فان يبكى ويتأثر ويخرج بعد من المسجد فيضحك فهذا ليس مقام , إنما حال ينفك منه سريعا .
فلن نتمكن من حال إلا بعد أن صار هذا الحال مقامك فيقول ابن القيم فهي لوامع ولوائح في أولها وأحوال في أوسطها ومقا مات في أخرها .
فالحال ثمرة العلم وهو تكيف القلب وانصياعه بحكم الواردات "اى ورد على القلب حبه للصدق والإحسان والخشية والانكسار والإذلال , اى هذه الأشياء لما ترد على القلب فهي واردات وعندما يعمل بها فهي حال أن الطريق إلى الله تقطع بالقلوب وليس بالإقدام ويجب أن يكون القلب سليما وحى وان يكون غيور وهذا شرط مهم لان الإنسان ليس ملاك ومقدوره أن يخطىء ابتلاء من اجل أن يتوب فيحبه الله ونحن ندرس لكي نتعلم كيف نرجع إلى الله لما نتوه عن الطريق ,لذلك يقول بعض السلف إذا توهت عن الطريق فارجع إلى الذنب تجد الطريق , اى ارجع تذكر ذنبك وتذكر توبتك , يجب أن نتذكر الذنب فيكسرك فترجع عن الغرور والعجب . فالشاهد أن الحال هو تكيف القلب وانصياعه قال "رسول الله صلى الله عليه وسلم " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر .
فالسجن له نظامه ولبسه واكله فالسجن ليس حرية كذلك للعبودية في سجن الإيمان نظام فيتكيف القلب على انه يصوم في وقت كذا ويفطر في وقت كذا وكل هذه الأمور تصبح هي صبغة للقلب أتت بعد المجاهدة.
لما يحب الإنسان الصدق والإخلاص والرجاء واليقين . فالقلب يتكيف مع ذلك وبالتالي يحمله هذا التكيف إلى الثبات والرسوخ فيه وقد ينسلخ العبد من كل مرحلة من هذه المراحل "واردات وأحوال ومقامات ،، وينزل إلى ما دونها ثم يعود إليها وقد لا يعود.
لذلك من شروط السير إلى الله دوام الخوف على القلب لذلك ضاع إيمان الأمينين على الإيمان ، لذلك قال تعالى " أفامنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون " فلا تأمن في هذا الطريق حتى تصل إلى الجنة وتجد نفسك مع رسول الله حينئذ تصل إلى بر الأمان ولكن قبل ذلك لا تأمن ، مثلا لا تأمن بعد الميزان حتى تدخل الجنة .
وارد أنك تمشى في الطريق وتبلغ مكانا عاليا ثم تضيع لأنه من الممكن أن يكون العلم غير صحيح ، أي في الأصل أن العلم ليس مضبوط
أول ستة منازل : ــ
اليقظة ــ الفكرة ــ العزم ــ البصيرة ــ التوبة ــ المحاسبة
اليقظة : الإنسان يبدأ يصحى ويفوق ويتعلم
الفكرة : ــ يفكر كيف يمشى في هذا الطريق
البصيرة : ــ أن يرى الطريق
العزم :ــ يعزم على السير
وبعد ذلك لا يوجد تحكم في ترتيب المنازل
مثلا منزلة الحب ممكن أن تأتى بعد اليقظة مباشرا فالإنسان إذا دخل عقد الإسلام فقد التزم أوامره الظاهرة والباطنة ومقاماته وأحواله فلابد أن ندخل في الإسلام جملة واحدة وليس بالتقسيط ولا بالقطاعي فلا يوجد مرحلية في ترك الذنوب والمعاصي ولا مرحلية في فعل الواجبات أنما المرحلية في التدرج في النوافل والمستحبات
ومن الممكن للإنسان أن يتمكن في منزلة التوكل بعد سنة واحدة من التزامه أكثر من إنسان له 30 سنة ملتزم مثل الغلام والراهب فليس العبرة بمن سبق ولكن العبرة بمن صدق والتوبة التي جعلوها في أول المقامات هي غاية المقامات وهى واجب العبد دائما إلى أن يلقى الله
ولكن طرق السير في المنازل تتنوع بحسب اختلاف العبد ، فمن الناس من يكون سيره ببدنه وجوارحه أغلب من سيره بقلبه وروحه ، ومنهم من أن يكون سيره بقلبه أغلب ومنهم " وهم الكمل " من يسير بقلبه وروحه وبدنه وجوارحه .
أخبر سبحانه أن صفوة خلقه دائما يقومون في مقام الإرادة ، قال تعالى : ــ
" ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه " فهم يدعون ويريدون .
بعض الناس يمشى بجوارحه أي يصلى ويصوم يتصدق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالجوارح ولكن القلب مازال ضعيفا ، وبعض الناس يمشى بقلبه دون جوارحه أي يحب ربنا حبا شديدا ولا يعرف أن يعصيه ونفسه يبقى تقي ومخبت ولكن جوارحه لا تساعده ، وكلاهما على خير ولكن الكمل الذي يسير بقلبه وجوارحه أفضل وهذه المنزلة لا تأتى إلا لمن أحبه الله ورضي عنه وهذه " منه " من الله فلذلك أصحاب القلوب هم الأقرب إلى المطلوب ولكن أصحاب الأعمال لن يخسروا شيئا فقد ترضى أعمالهم ربهم عنهم فيأخذ بأيديهم إليه ويقوى بذلك قلوبهم ، والقلوب أقوى من الجوارح وهى مهمة جدا في طريق السير إلى الله فقد يكون الإنسان في جسمه مرض فلما ضعف قلبه أحس بالمرض وتعب وتألم أما إذا كان قلبه قوى فأن قوة قلبه تدفع مرضه فلا يشعر به .
مثال : ــ لما فتن الإمام أحمد بن حنبل ، في المحنة يقول الذي ضربه " ضربته 17 سوط لو نزلت على جبل لهدته ، قال بعد السوط الأول " بسم الله ، وبعد السوط الثاني " الله أكبر وبعد السوط الثالث "لا حول ولا قوة إلا بالله " وبعد الرابع " القرآن كلام الله وليس مخلوق " والذى جعل الأمام يتحمل ذلك أنه كما يقولون كان يلبس جسمه على قلبه كما يلبس الثياب على الجسد ، فالجسم يضرب والقلب عند الله ساجد وهو لا يتوجع ولا يتألم أنما الجسد فقط هو الذي يضرب .
ولأن الأمام أحمد قلبه شرب عقيدة وسنة فأنه لا يعرف إلا الحق أي لا يعرف أن يقول أن القرآن مخلوق ، بل يقول القرآن كلام الله .
أن السائر الي الله لابد أن يكون له قويتين : 1- قوة علمية 2- قوة عملية
فبالقوة العلمية يبصر منازل الطريق ومواضيع السلوك فيقصدها سائرا فيها ويجتنب أسباب الهلاك ومواضـع العطب وطرق المهالك المنحرفة عـن الـطريــق
, فقوته العلمية كنور عظيم في يده يمشى به في يوم شديد الظلمة ويبصر بذلك النور إعلام الطريق وأدلته فلا يضل عنه , فيكشف هذا النور أمرين :-
إعلام الطريق ومعاطب الطريق اى لابد للإنسان أن يعرف الشر حتى يتفيه ولا يقع فيه (كما قال الشافعي مثلا : الذي يريد السفر إلى الإسكندرية لابد أن يكـون له قوة علمية( أن يعرف الطريق إليها , وقوة عملية أي سيارة لتوصيله)
فالمسافر إلى الإسكندرية يجد بعد القاهرة القليوبية ثم قها وطوخ وبنـها اى هو يعرف إعلام أو معالم الطريق فيسير فيه والمسافر يجد الطريق صحراوي مشمس جدا وفيه رمال وقد ينحرف يسارا فيجد طريق فيه أشجار وخضرة وبائعة للفاكهة "مدينة السادات " فهو يحب أن يسير في هذا الطريق المريح الجميل ويبعد عن الصحراوي شديد الحرارة ولكن هذا لن يوصله إلى الإسكندرية ,كذلك الذي يختار طرق جميلة مبتدعة لعبادة الله فهي مريحة ولكن لن توصله كمن يقول لك اجلس طوال الليل وأضع يدك على قلبك وتقول( الله ) هذه عبادة غربية وتهريج لن يوصله إلى الله .
يقول ابن القيم نقلا عن ابن مدين :-
وقد تستولي النفس على العمل الصالح لان للعمل الصالح صولة فتصيره جند لها فتصول به وتطغى فترى الرجل اعبد واتقى ما يكون وهو عن الله ابعد ما يكون وهذا بسبب الرياء وهذه المسألة تحتاج إلى منقاش فطن يستخرجها الإنسان به من نفسه فقد تخفى عن بعض المخلصين وذلك من جراء ذنوبهم ومعاصيهم اى الإنسان يحتاج منقاش فطن ليستخرج تلك الآفات من نفسه
ويقول ابن القيم وبالقوة العملية يسير حقيقتا ً فقد يعرف الكثيرون الطريق إلى الله ويعرفون الخير , يقول( يونس بن عُبير){ وهو يذم نفسه والله إني لأعرف مائة خصلة من الخير لا أجد في نفسي منها واحدة }
كل منا يعرف فضل قيام الليل ولكن من منا يقوم الليل
الشاهد أن القوة العملية هي السير حقيقتاً وكذلك السائر إلى ربه إذا أبصر الطريق وإعلامها وأبصر الطرق الناكبة عنها فقد حصل له شطر السعادة وبقى عليه الشطر الأخر وهو أن يشمر السير في الطريق قاطعا منازلها منزلة بعد منزلة وكلما قطع مرحلة استعد للأخرى واستشعر القرب إلى المنزل فهانت عليه مشقة السفر وكلما سكنت نفسه من كلال السير ومواصلة الرحيل وعدها بقرب التلاقي وبرد العيش عند الوصول
اى قد تمل النفس , ولكن من لوازم السير الزهد في الدنيا وعدم تعلق القلب بها
والا أثقلتك وكبلتك ومنعتك من السير
سئل الإمام احمد متى يذوق العبد طعم الراحة قال عند أول قدم يضعها في الجنة
قال تعالى " لقد خلقنا الإنسان في كبد "
ولكن كيف أهون السير وألطفه ؟
الوعد بقرب الوصول والتلاقي فيحدث لها ذلك نشاطا وفرحا وهمة , كذلك الوعد برؤية النبي والصالحين في الجنة والعيش معهم في نعيمهم , كذلك النظر إلى وجه الله الكريم , أوعد نفسك أن ذلك قريب فان الدنيا كلها كساعة من ساعات الآخرة وعمر النفس ثانية من ساعات الآخرة فلابد من االتصبر وان تعيش حلال وتعيش صح " أي أكل وأي شرب "أي عدم التركيز على الأكل والشرب ،المصيبة هي إلا يصل الإنسان إلى الجنة حتى لا تكون ضاعت الدنيا والآخرة.
وأن استصعبت النفس عليها فذكرها أن أمامها أحبابها " النبي محمد صلى الله عليه وسلم " والجنة ووراءها أعدائها أبو لهب وأبو جهل والنار ، فأما أن تتقدم للجنة أو ترجع لأعدائها في جهنم وأن وقفت فسيلحق بها أعدائها وعلى النفس أن تختار أي قسم من الثلاثة ولتجعل أحاديث الأحبة " كلام النبي صلى الله عليه وسلم "سائقها وكذلك كلام الصحابة .
يقول عثمان بن عفان "لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم " ، ذلك لان الصحابة جربوا الطريق قبلنا ومشوا الطريق صح وحُكم لهم بالرضا فالله حكم لهم بالوصول ، قال تعالى "السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين أتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ، فالله رضي عنهم وعمن اتبعوهم بإحسان فهولاء الصحابة كان في قلوبهم رضا عن الله سعد بن وقاص كان مستجاب الدعوة وفى آخر عمره فقد بصره ولم يدع الله ليرد بصره وقال قضاء الله وما يرضى به الله أحب من بصري أي رضي العمى لأنه من قضاء الله وكذلك أبن تيميه رضي الحبس وقال " حبسي خلوة وقتلى شهادة ونفيي سياحة ، ما يصنع أعدائي بي " ويقول أبن القيم " ولا يوحش انفراده في طريق سيره "
أحيانا تجد نفسك لوحدك في العبادة ، وقتها قد تشعر بالوحشة والانفراد وقد يلبس عليك الشيطان فتقول معقول الناس كلها غلط وأنا اللي صح ، معقول أنا اللي فهمي صح وكل الناس دي مش فاهمه ، لذلك يقول أبن القيم : ــ ولا يوحشك انفرادك في طريق سيرك ولا تغتر بكثرة المنقطعين ، فهذا الطريق سمته الانفراد لذلك قال الرسول "صلى الله عليه وسلم " طوبى للغرباء " لذلك لا تجد في القرآن ابدآ الكثرة مع المؤمنين , يقول تعالى " أن الذين امنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم " ويقول " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين " ويقول كذلك " وان تطع أكثر من في إلا رض يضلك عن سبيل الله" دائما الكثرة مع الضلال والكفر والقلة مع الصلاح والتقوى
ويقول أبن القيم : ــ.
(هون عليك وحدتك أن الم انقطاعك وبعادك واصل إليك دونهم وحظك من القرب واصل إليك دونهم فما معنى الاشتغال بهم ) اى لو انك ضللت فالعذاب واقع عليك وحدك ولو تنعمت فالنعيم واقع عليك وحدك
ويبشرك ابن القيم بقوله فلتعلم بأن هذه الوحشة لن تدوم بل هي من عوارض الطريق اى من أول شيء في عوارض الطريق :-
1. لا تغتر بكثرة المنقطعين ولا تستوحش من الانفراد.
2. ولا تستوحش مما تجده من كثافة الطبع وبطئ السير ( العلاج هو إدمان السير في طريق الله والمواظبة عليها غدوا وصباحا وسحرا )
هناك إناث كثيرون انقطعوا ورجعوا من كثرة زهقهم من أنفسهم ويأسهم
مثلا :-
بقى لي شهرين أحاول قيام الليل ومش قادر أو يحاول الصيام أو حفظ سورة البقرة , فينبغي على الإنسان إلا يمل فالنفس أمارة بالسوء فيجب أن يكن صبرك اكبر من صبرها وان يكون عندك استعداد للتضحية والا لا تنتصر عليها فالشيطان لدود والنفس أمارة بالسوء فيجب أن يكن صبرك اكبر من صبرها
مثال :-
(الرجل الذي قتل مائة نفس ثم تاب )فلا تمل من نفسك أبدا
3. أن بعض الناس قد تغلب قوته العلمية قوته العملية أو العكس اى يبصر الحقائق ولا يعمل بموجبها ويرى المعاطب ولا يتوقها اى هو (فقيه ) ما لم يحضر العمل فإذا حضر العمل شارك الجهال في التخلف
مثلا :-
أن يكون عارف فضل قيام الليل وينام يقول ابن القيم وهذا هو الغالب على أكثر النفوس التي قضت حظها الأول في التمتع بالشهوات لأنه في الأصل اتربى على ذلك وأتعلم يتأخر فيجب أن ترقى روحه عن هذه السفليات ويترقى عن الدنيا , اى علاج هذا الأمر هو الصبر والمجاهدة والتواضع وعدم الغرور وذم النفس ومن الناس من تغلب عليه القوى العملية اى يعرف أن يجتهد في العبادة ولكن ليس عنده علم فيكون أعمى البصر عند ورود الشبهات في العقائد اى الأول عنده علم ولكن عندما تأتى الشهوة ينكب عليه والثاني عنده عمل ولما تأتى البدعة ينكب عليها لأنه جاهل لا يعرف أن يفرق بين الحق والباطل والصواب والخطأ ولذلك ترى احدهم أعمى لا يدرى من يعبد ولا لماذا يعبد إنما يعبد بذوقه وتارة يعبد بعادة قومه وأصحابه وتارة يعبد بالأوضاع وتارة يعبد بما تحب نفسه وتهواه وهنا طرق ومتاهات لا يحصيها إلا رب العباد ولا يقبل الله من احد دينا سوى الذي أتى به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
أولا منزلة من منازل السالكين:-
1- منزلة اليقظة :- يقول بن القيم هي أول منازل العبودية وهى انزعاج القلب لروعة الانتباه من ركضة الغافلين، فمن أحس بالفزع في قلبه فأن القلب مازال حيا لذلك عندما يتكلم أبن القيم عن الحياة يقول هي يقظة تبعث على اقتباس الحياة الدائمة الباقية التي لا خطر لها من الحياة الدنيا الزائلة الفانية التي لا قيمة لها .
مثال : ــأنت قد تشعل سراجك من سراج أوشك على الانتهاء فيضىءالثانى غاية الإضاءة وينطفىء الأول أي ينتقل الإنسان من الدار المنقطعة إلى الدار الباقية ويتوسط الموت بين الدارين فالموت قنطرة لا يعبر لتلك الدار إلا عليها ،فهما حياتين في دارين بينهما موت وهى يقظة تبعث على الحياة "حياة المحب مع حبيبه التي لا قوام لقلبه وروحه وحياته إلا به " وهو الله .
هناك أشياء في طريقنا لا تتوصف ،مثلا كيف تشعر أن الله راضى عنك ، هذه حاجة تنحس ولا تقال ، أي اليقظة التي هي انزعاج القلب أنت تحسها ولا أستطيع أنأ أقول لك ما هي .
مثلا :ــ عندما أقول لك شميت رائحة الريحان فتقول يعنى ايه ريحان ،كذلك عندما يكون هم الإنسان المتع والخروج فلا يفهم عندما أقول له يقظة القلب ، فيجب أن يتوب في الأول وينظف قلبه لكي يفهم ، فاليقظة انك تشعر أنك عايش مع حبيبك " الله" فحياتك موقوفة على قربه وحبه ومصاحبته ،وعذاب حجابك عنه أعظم من عذاب جهنم .
يقول أبن القيم أعلم أن العبد قبل وصول الداعي إليه في نوم الغفلة ، قلبه نائم وطرفه يقظان أي عينيه مفتحة وشايف وماشى في الدنيا ولكن قلبه نائم لا يدرى ،فصاح به الناصح وأسمعه داعي النجاح فأدن به مؤذن الرحمن"حي على الفلاح"فمن أحس بهذه اليقظة أحس بالفلاح .
أن الإنسان في طريقه إلى الله لا يخلو من معصية فيجب إلا تسير المعصية خندقا يحاصره فيظل فيه والا تكون هذه المعصية عائقا لقلبه عن محبة ربه وأنما يعرف أن هذه المعصية من عوارض الطريق ويعرف أيضا بالقوة العلمية كيف يتخلص منها وكيف يستمر في طريقه بعدها .
يقول بن الجو زى : ــ تفكرت في سبب هداية من يهتدي فوجدت السبب الأكبر اختيار الله لهذا الشخص ، كما يقول إذا أرادك الله لأمر هيأك له ، فمن الممكن أن تحدث اليقظةأوالأشراقه مثلا عندما يكون الإنسان في" عمرة" وقد تأتى أثناء معصية والعياذ بالله .ونرى أن بعد الإنسان عن الله بسبب تعلق قلبه بالأسباب ، أي أن يرى أن الأسباب هي هدايته ولا يرى من وراء الأسباب مسببا ساق إليه هذه الأسباب .
 من الناس من يجعل الخالق لهذا السبب "الذي هو الفكر والنظر " مسببا ظاهرا كموعظة يسمعها ويراها فيحرك هذا السبب الظاهر " الموعظة " فكرة القلب الباطن وقد يوعظه حادثة يراها أو موت حبيب له ثم ينقسم المتيقظون إلى أقسام : ــ
 فمنهم من يغلبه هواه ويقتضيه طبعه مما يشتهى ما قد اعتاده فيعود القهقرى ولا ينفعه ما حدث له من يقظة وانتباة بل أن انتباه هذا حجة عليه .
 ومنهم من هو واقف في مقام المجاهدة بين صفين :ــ
العقل الآمر للتقوى ، الهوى المقتضى للشهوات
 فمنهم من يغُلب بعد المجاهدات الطويلة فيعود إلى الشر ويختم له به
( قد يكون القلب متعلق بذنب قديم" رواسب الجاهلية " هذه كوامن تظهر عندما تتيح الفرصة )
 ومنهم من يغلب تارة ويغُلب أخرى
 ومنهم من يقهر عدوه فيسجنه في حبس فلا يبقى للعدو حيلة إلا الوسواس
وذلك لأن هذا العبد قد ذاق حلاوة الإيمان وذاق حب ربنا فأصبحت المعاصي بالنسبة له قذارة ولا تحتاج إلى مجاهدة ، ولكن أحياناً يأتي له وسواس من الشيطان ولكن لا تتمكن منه ولا يركن إليها أبدا وهولاء ندرة
ويقول الشيخ ومن الصفوة أقوام منذ تيقظوا ما ناموا ومنذ سلكوا ما وقفوا فهم دائما في صعود وترقى كلما عبروا مقاما إلى مقام رأوا نقص ما كانوا فيه فاستغفروا فهم يرقى أحدهم عن الاحتياج إلى مجاهدة
 أما لخسة ما يدعو إليه الطبع إذ لا وقع له عنده "لما ييجى الطبع يقول له شوف دي ، يقول يارب جنة يارب ، أنا نفسي أموت علشان أنظر إلى وجه الله الكريم
 أو لشرف مطلوبة فلا يلتفت إلى عائق عنه
يقول ابن الجو زى :-
اعلم أن الطريق الموصل إلى الله سبحانه لا يقطع بالأقدام ولكن يقطع بالقلوب .
والشهوات العاجلة مثل الأكل أو الشرب أو اللبس أو النوم هي قطاع لهذا الطريق , واعلم أن الطريق كالليل المظلم غير أن عين الموفق كبصر الفرس يرى في الظلمة كما يرى في الضوء والصدق في الطلب نور أينما وجد يدل على الشيء وإنما يتعثر من لم يخلص ويمتنع الإخلاص على من لم يريد الإخلاص
يجب أن نتخلص من الشهوات بسرعة ولكن كيف ؟
كلما زاد تعلقك بالمطلب الأعلى كلما تقطعت العوائق
مثال
علشان يطلقوا قمر صناعي يلف حول الأرض يضعوه على صاروخ قوة دفعه أقوى من الجاذبية فتظل تدفع القمر لغاية ما تخرج بهم من نطاق الجاذبية وكلما كانت قوة دفع الصاروخ أقوى كلما خرج القمر من نطاق الجاذبية الأرضية, وعندما يخرج القمر من نطاق الجاذبية فأنه يفضل فوق ولا ينزل تانى , كذلك القلب كلما تعلق اشد , الحبال والقواطع الأرضية ستتقطع وعندما تتخلص من الجذور الأرضية ومنها ستطوف إلى العرش ويسجد قلبك هناك
ولكي تتخلص من الشهوات مثلا :-
اخف الأكل شوية فالأكل للتقوى على الطاعة وليس للشهوة , وقتها لن يتعلق القلب بما ذا أكل ومين ومتى وازاى وإنما يتعلق بسؤال واحد لماذا أكل ؟ للتقوى على الطاعة
فيجب أن يخلص العبد , والقضية في الأول أن يكون الله يريدك ويحبك ويأخذ بيدك وعندما وتسأل وأجيب دي منين , أقول لك أن ترتمي على باب الله ساعة واثنين ويوم واثنين وتقول له لا تتركني حتى لا أضيع أنا محتاج لك , عبيدك سواي كثير وليس لي إلا أنت وقتها لا يرد الله من يقبل عليه .
وقد يحدث لبعض الناس يقظة وهو لا يشعر بها فيعيشها وهو لا يحس بها ولا يعرفها فتنتهي منه وتسلب وهو لا يدرى , لان كثيراً من الناس تسلب منهم النعم لعدم إحساسهم بها فلا يؤدون شكرها وقد يكون بالإنسان مجموعة من النعم يحسد عليها فلا يشعر بها فتسلب منه
فجاءت النعمة وسلبت دون أن يشعر وفى النهاية يندم عندما يعرف أنه كان عنده نعمة بعض الناس عندما يرى المظاهر والظواهر يفتن بها ولكن عندما يراها بقلبه فأنه يراها على حقيقتها لأنه يعلم أن كل هذه الظواهر ظل زال وبمجرد أن يحدث للإنسان مثلا جلطة في المخ أو توقف في القلب حتى ولو دقيقة تجعل كل هذه المظاهر لا قيمة لها ..فإذا أصيب بمثل ذلك فماذا يفيده ملايين الجنيهات أو السيارات , وكيف يستمتع بها على الإنسان أن يتأمل وجوده وحياته وكل شيء خلق له في هذه الدنيا لان الحياة على وجهها الحقيقي ابتلاء ولا يفهم معنى الابتلاء وينجح فسه إلا من اقر انه ابتلاء .
أن جميع لذات الدنيا لا تساوى ذرة من لذات الروح ومن جرب عرف أن كل متع الدنيا بلا استثناء لا تساوى لحظة واحدة شعرتها في معية الله في سجدة سجدتها لله حتى قال بعض السلف لم يعد في الدنيا شيء له طعم إلا أن نمرغ وجوهنا في التراب لله , هذه هي الحياة الحقيقية . العبد لابد له من غفلة ولا ينجو منها احد , لقد قال (صلى الله عليه وسلم )انه ليغان على قلبي واني لاستغفر الله في اليوم سبعين مرة .
والغين هو الشيء الطارىء السريع (ومضة سريعة )لا تذكر في الزمن تمر بقلب رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) فلا يسلم من ِسنة الغفلة بشر ولولا الغفلة لما عشنا حياتنا فلو الإنسان ظل متيقظا ومستشعرا ََََ أهوال يوم القيامة فلا يستطيع أن يعيش الحياة فمن رحمة الله أن كانت هذه السِِنة من الغفلة ولكن يجب على الإنسان إلا يستمرئ الغفلة . وقال بن القيم المؤمن لا تخالطه لذة في معصية أبدا ولكنه يفعل المعصية والحزن مخيم عليه .
كثيرا من الناس يشكو الفتور ثم يشكو ويشكو ولكن ماذا ينتظر ., أن علاج الفتور أن يقوم ويعمل ولكن ليس اى عمل وإنما عمل ذو قيمة حقيقية ولا باس أن يستعين بعد الله بإحدى المخلوقين ليأخذ بيده مثلا يقيما الليل معا.
وهذا الفتور لابد منه لكل سالك في الطريق , وإذا لم ينتبه أن هذا الفتور لازم فسوف يخرجه هذا الفتور عن الطريق تماما ويضيعه فيجب على الإنسان أن يجد شيئا يعالج به هذا القضية مثلا إذا لم يستطع أن يقرأ قرأن فانه يذكر الله , إذا لم يستطع الذكر , يتكلم مع احد اعن الله . اى يجب أن يعالج هذا الفتور حتى يمر بسلام , فإذا مر انطلق , ولكن إذا وافق هذا الفتور هوى النفس (مثال) لا يريد الإنسان أن يقرا قرآن أو يسمع شريط ويريد مثلا أن يشرب سيجارة يبدأ من هنا الضياع والنزول وبعض الناس في أثناء هذا الفتور يقول أنا عارف أنى لن استمر واني سوف ارجع وهذا اكبر علة وآفة في التوبة لأنه من شروط صحة التوبة :العزم على عدم العودة وان يكون عنده قناعة داخلية ويقين علىعدم العودة . هذه القناعة تثبته ولكن لو وجد من حوله يقول له أنا عارفك ضعيف وترجع يجب أن يبتعد عنه ويقرب لمن يثبته وممكن أن يكون علاج الفتور أن تذكر حسنة كبيرة عملها فتبعث فيك الشجاعة والانشراح فتصبح نشيط وتنطلق أو ذكر سيئة يخشى مقابلة الله بها فيبدأ ينشط لكي يتوب من هذه السيئة أو الذنب .
مثلا:- هناك ممثلة عندما ترى إعلان لأفلامها تندم وتقول كم كنت قذرة ويدفعها ذلك للمزيد من التطهير وعندما يجد الإنسان في نفسه الفتور يشكو نفسه إلى الله , تجلس بين يدي الله وتقول له يارب أن أشكو لك ضعف نفسي وقلة حيلتي , أشكو لك ظلمي لنفسي وغلبة الشهوات وتكالب الفتن , الإحباط الحاصل في ذهني اى اشتكى له وهو كريم قوى .
يقول بن القيم :-
الجهل بالطريق وآفاتها يوجب التعب الكثير مع الفائدة القليلة .
اى لكي تعدى مرحلة الفتور يجب أن تقوم بعمل يخلو من هذه الآفات ، فأن صاحب الجهد إما: ــ
 أن يجتهد في نافلة مع إضاعة الفرض " ممكن يقوم الليل وينام عن الفجر "
 أوفى عمل الجوارح لم يواطئه القلب ( لابد أن تحتسب في كل نفس الأجر من الله )
 أو عمل في الباطن والظاهر ( أي قلب وجوارح ) لم يتقيض بالاقتضاء برسول الله .
 أوهمة إلى عمل لم ترقى بصاحبها إلى ملاحظة المقصود أوعمل لم يحترس من آفاته المفسدة له حال العمل وبعده* أوعمل غفل فيه عن مشاهدة المنة فلم يتجرد عن مشاركة النفس فيه أو عمل لم يشهد تقصيره فيه فيقوم بعده في مقام الاعتذار منه
 أو عمل لم يوفيه حقه من النصح والإحسان وهو يظن أنه وفاه
هذا هوما ينقص الثمرة مع كثرة التعب والله الموفق لما يريد .
عندما تيجى تعمل عمل ويكون هذا العمل حقيقي وأنت محتاج أن يوصل وأنه يوصلك فلابد أن تخلص هذا العمل من هذه الآفات الخطيرة ،هذه هي القضية
اليقظة أول ما يستنير قلب العبد للحياة لرؤ ية نور التنبيه
هذان أمران : ــ
1) استنارة القلب .
2) رؤية النور
3) يبقى القلب منور وشايف النور أن نور القلب متعدد، اى أن نور القلب ينير الطريق ، فيبقى القلب منير ومستنير ، وأول ما النور يدخل القلب ، فأن القلب يعيش " ومالم يجعل الله له نور فما له من نور " هذا النور الذى في القلب نور باطن ، ويكون ظاهر يوم القيامة ، والمنافقون يحرمون النور فينادوا على المؤمنين " انظرونا نقتبس من نوركم ، ويقول المؤمنين "لبنا اتمم لنا نورنا "
لليقظة ثلاثة أنوار : ــ
1) لحظ القلب إلى النعمة .
2) مطالعة الجناية
3) معرفة الزيادة والنقصان من الأيام .
أولا :ــ اذالاحظ القلب النعمة تحل أول عقدة وثانياً إذا طالع الجناية تحل الثانية وثالثا إذا لاحظ الزيادة والنقصان في أيام عمره حلت العقدة الثالثة فانطلق إلى الله ، إما إذا لم يلحظ هذه الثلاثة ظل في نوم الغفلة
ولكن كيف نلاحظ النعمة ؟
يقول الشيخ : ــ وأول أنوار اليقظة لحظ القلب إلى النعمة على اليأس من عدها والوقوف على حدها والتفرغ لمعرفة المنة بها والعلم بالتقصير في حقها
ومعنى اليأس من عدها : ــ عدم مقدرة الإنسان على عد نعم الأ سلام من ذكر وسجود وقيام ليل ....... الخ .
ومعنى الوقوف على حدها : ــ الحد ( الوصف والتعريف ) أي لا يستطيع الإنسان أن يوصف مدى حلاوة هذه النعمة .
أي يكون الإنسان عايش ويحمد ربنا بدون حماس لأنه شايف بعنين رأسه أن الآخرين يمتلكون أكثر فهو يرى بالعين وفكر عقله المادي ولكنه عندما يرى بقلبه فهو يرى أن أعظم نعمة منها الله عليه هي نعمة الإسلام فتصبح المقاييس مختلفة ،لا السيارة ولا الفيلا .، المهم هو فين من ربنا والجنة والموت والقبر فينظر للدنيا بعين الفناء وتصبح أعظم نعمة بعد الإسلام هي يقظة القلب واستنارته ، يصبح الإنسان عايش بأذن الله ومع الله في نور الله ، يبدأ يعيش نعم حقيقية ، الصلاة نعمة وقراءة القرآن نعمة وقيام الليل نعمة فيجد الإنسان الأنس في العبادة ومعية الله وليس في التليفون والناس من حوله .
من أهم النعم نعمة ستر العيوب بقول أحد الصالحين إذا رأيت الناس
يعجبون بك فاعلم إنهم يعجبون بستر الله عليك
معنى التفرغ لمعرفة المنة :ــ مثلا "" فُلان" هو الذى هداني لهذا الأمر ولكن بعد اليأس من عد النعمة وعدم القدرة على وصفها وتعريفها يبدأ يزيح فُلان وفُلان من أمامه حتى يرى أن الله هو الدى سخر له كل هؤلاء ليصلوه إلى هذه النعمة فيتفرغ لمعرفة المنة.
يقول ربنا كريم قوى بعد كل ما عملته يهدينى هذه المنة ، وقتها يفهم كلمة (أنا عاجز عن الشكر ) أي انه لا يستطيع أن يشكر ربنا الشكر الذى يستحقه فيقول اللهم لك الحمد بما يوازى نعمك ويكافأ مز يدك ).
كما يقول ( اللهم لك الحمد ملأ السماوات والأرض وملأ ما بينهم ) ،( اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ) ، اللهم لك الحمد كالذي نقول وخير مما نقول وأفضل مما نقول )،اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد على أنك رضيت ولك الحمد دائما وأبدا )
اى يتفرغ الإنسان لتأمل النعم وتأمل النعم نعمة وتأمل النعم شكر فيتأمل نعم الله عليه فحينها يشعر بالتقصير في حقها.
رؤية المنة ومشاهدة التقصير يورث نوعين من العبودية:-
1- محبة المنعم. 2- الإزراء على النفس.
ذكرنا من قبل أن السير في الطريق يحتاج إلى قوة علمية وعملية وأول محطة في الطريق اليقظة اى أن يستيقظ الإنسان ويصحى ويقول لنفسه عمري النهاردة أربعين سنة ولكن لا يمنى نفسه انه أمامه 35سنة قادمة لان متوسط عمر الإنسان 75 سنة ولكن يقول لنفسه انه قضى 28 سنة عليه منذ سن البلوغ بها ذنوب فماذا يحدث لو مت النهاردة
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :-
"تفل يوما في يده ويضع إصبعه فيها وقال يقول الله يابن ادم آن تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا قوى ظهرك واشتد عضدك , جمعت ومنعت ومشيت بين بردين لك وللأرض منك وئيد حتى إذا بلغت التراقى قلت أتصدق وآني أوان الصدق"
• اليقظة انك تستيقظ بدري وقد خلق القلب في محبة الله فإذا استخدم في غير ذلك يفسد اى يظل القلبي مريض أو نائم أو ميت , مثل الذي يضع في السيارة ماء بدلا من البنزين فأنها لا تمشى .

الإنسان عندما يبصر تبدأ عينيه ترى الحقائق , قد يغتر الإنسان بمدح الناس له وقولهم انك رجل صالح ( وقد يكون هذا المدح ليس فيه ) وينسى عيوبه ومساوئه وكثير من الناس الآن ترى الذي لا يزنى ولا يشرب خمر رجل صالح ولكن أين الصلاة والعبادة , إن الذي لا يعمل خير ولا شر أسوأ من الذي يعمل شر لأنه يكون مغرور ويعتقد انه كويس ومش بيعمل شيء غلط
أي أنه على صواب, لكن الذي يخطأ يكون منكسر وخايف من ربنا ومن ذنوبه ومعاصيه
وكما ذكرنا أن أفضل النعم هي نعمة الإسلام ويجب على الإنسان أن يحمد الله كثيرا على هذه النعمة وهذه المنة وكذلك كل النعم , وأوعى تقول مرة أن ربنا اعطانى لانى استاهل , لا لان هذه التي أعطاك إياها الله " الدنيا" وربنا بيديها اى يعطيها للي يستاهل والذي لا يستاهل
قال الرسول صلى الله عليه وسلم " لو أن الدنيا تساوى عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء
 من اكبر النعم توالى النعم ودوام النعم.
ومن نعم الله عليك انه راآك على المعاصي ولم يسلب منك النعمة وأمهلك سنوات حتى تبت ولكنه لو عجل لك العقوبة فأن هذا عدل منه ولكنه تركك فضل عشان تهتدي وتبدأ تشكر الله وتصلى له وان لو أخذك الله وقتها لم يكن لك اى حسنة،إذن استمرارك نعمة.
كيـف تـقول الحــمد لله كـــويس لكــــي تـشكر نعـــمة ربــنا, تقــــول
(( أنـا عـاجـز عن الشـكر )) هـــذه هـــي مــعرفة المـــنة اى أن تــقر فــي
قــرارة قـلبك أن هــذه النـعمـة أنــت لا تســتحقـها وعــندمــا يــرضــى الله
عن العبـــد فــانه يفــتح لـــه بــاب طـــاعـــة وعنـدمــا يشكر يفتح له بــاب
طـــاعـــة أخـــرى ألــيس القــائـل (( لـــئن شــــكــرتــم لازيــدنـكــم ))
والــرســول(صــلاة الله علــيه وسلـــم ) كــــان يـقوم حتـــى تــورمـــت
قــدمـــاء وعــندمـــا قــالـــت لــه الســـيدة / عــائــشة الــم يغـفر الله لـك
مــا تــقــدم ومــا تــأخـــر فــقــال( ( إلا أكـــون عـــبدا شـــكـورا ) )
أقـامــتـك بـين يــدي الله (( مـــنــة )) مـــن الله ، يحـكـى عـــن احــــد
الصـحابـة أن قـــام باللـــيل فلســـعه البـــرد فـبكــى ودخــل ليســـتدفــئ
باللحاف فنام فرأى في المنام من يقول له أقامتك وأنمتهم ثــم تبــكى لـي ،
إذن نم فلا تقم .
يجــــب أن تــــشـكـر ربـــــك عـلـى نـعمــــة قيـــام اللـــيل والــوقــــوف
بــيـن يــــدي المـــلك أنــــك تـــحـتاج إلـــى وسـايــط كــــثـيرة لكــــي
تــدخــل علــى اى وزيـــر ولـــكن الله أبــوابـــه مفـــتوحــــة للجـــميـع
فـيجـــب أن نشـــكــره علـــى هـــــذا اى أن مشــاهـــدة المنــة
ومشــــاهـــدة الـتقصــير وهــــى معـانــاة يــعـانيــها الإنســان ولـــيس
من السـهل فأنـها تورث نوعين من العبودية
1ـ محبة المنعم / انك تبدأ تحبه
مثال / (رجل أعطاك 1000 جنيه فشكرته فأعطاك 1000 ثانيه فقلت لأحد أصحابك (( باين عليه مجنون ))ولم يغضب الرجل وأعطاك ثم أعطاك) هنا تجد نفسك غصب عنك تحبه الله الذي أعطاك كل هذه النـعم يجـــب أن تحبه وتشكره على حــبه.
لا تقول لي أنى باصلى له لان هــذا لك وليـس لله يــقول ابن الـجو زى:
والله ما أرى لي من عمل أستطيع أن أقول اللهم أنى أتوسل لك بكذا غير أنى لي خلة أرجو أن يغفر الله لي بها " أنني عندما أقوم أصلى أعلم إنما أجدى لنفسي لا ربى " (اى لأنجى نفسي من النار )
عندما ينعم عليك الله فانك تقول ((الحمد لله والذي وقفك لهذا الحمد هو الله )) فهذه نعمة جديدة تشكره عليها الحمد لله 0000 وهكذا حتى تموت
وقتها لا تملك إلا انك تحب الله ومحبة المنعم أن تحب بقلبك كله.
هناك من يحب ربنا لأنه يعطيه اى يحب عطاؤه والمحب لله يحبه سواه أعطاه
أم لا ويجب على المؤمن إلا يعترض على ابتلاءت الله، هناك رجل مات له أكثر من ولد وكان يقول الحمد لله ولكن عاش له ولد إلى سن 18 سنة ثم مرض ومات هنا ظهر أن حمد هذا الرجل ظاهري ولكنه غير راضى من قلبه فأخذ يلقى بزجاجات الدواء إلى السماء ويقول لله " لماذا تتحداني وتأخذ أولادي " هنا ابتلاه الله ببلاء عظيم ليخرج ما في قلبه . لوفى قلبك شيء اشتكيه إلى الله وطلع اللي في قلبك قبل أن تموت عليه وتبقى مصيبة
شروط محبة الله من القلب : ــ
1. أن تقهر محبة الله كل محبة (ذاتك ـ أولادك )
2. أن تسبق محبة الله إلى قلبك كل محبة
3. أن تكون جميع المحاب تابعة ونابعة من محبة الله ،أي الحب لله .
2) الازدراء على النفس .
عندما سئل أحد السلف ماذا تفعل في شهوة نفسك ؟
قال وهل عندي أبغض من نفسي حتى أنيلها ما تشتهيه .
فالإنسان يكره نفسه ازاى ؟ عندما يرى نعم ربنا عليه وعصيانه لله
مثلا : الإنسان لا يصح لصلاة الفجر ثم يستيقظ الساعة السابعة بعد الشروق فيندم ويقول أن الله أعطاني هذا السرير الجميل لأنام ويرزقني بالنوم لا أقوم للصلاة بين يديه فتكره نفسك وتحب الله .
والعبد دائما يسير إلى الله بين مطالعة المنة ومشاهدة التقصير فيعيش منكسرا لله وهذا الانكسار " الإخبات " لا يمكن تحصيله إلا بهذا ،لا بصلاة ولا بصوم ولا قيام .
تأنى مرتبة في اليقظة : ــ
2) مطالعة الجناية
الإنسان عندما يستيقظ يرى بقلبه الأشياء على حقيقتها ، يرى الدنيا والآخرة على حقيقتها وهذه أول ثمرات التوبة .
مثلا : كعب بن مالك"من الثلاثة الذين خلفوا من غزوة تبوك عندما أراد أن يتوب وصدق في التوبة وجاءته رسالة من ملك غسان "بلغنا أن صاحبك قد قلاك ولم يجعلك الله في دار مهانة فألحق بنا نواسيك " لقد جاءته الرسالة ورسول الله لا يكلمه وتهجره زوجته ، والذي ينظر بالعين المجردة يقول فرصة بل وقد يقول أذهب أدعو هناك الكفار وأثبت للناس الإسلام ،أي قد يلبس عليه إبليس ، ولكن حين رأى الرسالة بالقلب قال وهذا من البلاء "شافها صح ، لكن طول ما القلب أعمى سيشوفها غلط لذلك كان من دعاء بعض السلف " اللهم أرنى الأشياء على حقيقتها " فقد تبدو الأمور في الظاهر على غير حقيقتها ، لذلك يقول أبن القيم : ــ "إياك أن تسأل الله شيئا قد غُيبت عنك عواقبه " أى لا تطلب من الله حاجة وأنت لا تعرف مستقبلها أية ، لأنه قد تأتى البلية في صورة العطية وقد تأتى المحنة في صورة المنحة ، قد يعطيك الله وتظن انه يحبك بل يعطيك وهو يكرهك .
أن رؤية الأشياء على حقيقتها تستطيع أن تتصرف فيها التصرف الشرعي الصحيح ، هذا إنبات عين في القلب ، لذلك يقول ابن القيم : ــ أن الحياء أن تنفتح في القلب عين ترى بها أنك قائم بين يدي الله .
يقول أحدى السلف : أذنبت ذنبا فمنذ 4 سنين أستحي أن أرفع رأسي إلى السماء" انكسار "وكم من إنسان تغرقه نعم الله ليلا ونهارا وهو لا يرى لله عليه نعمة ،إنما عينه على البلاء ، وقد يكون مصاب بأي مرض فيحول هذا المرض حياته ضنكا فيسود كل النعم ولو أنه نظر لهذه النعم لهونت عليه هذا البلاء، نحن في حاجة إلى تفقد النعم ، نسأل الله أن يذكرنا بنعمه علينا ويعافينا من الذنوب ويقدرنا على شكره حق الشكر .
2) مطالعة الجناية : ــ
وهى ثاني مرتبة في اليقظة ( مطالعة الجناية والوقوف على الخطر منها والتشمير لتداركها والتخلص من رقها ، وطلب النجاة لتمحيصها )
أى أن ينظر الإنسان إلى الجناية ، فالإنسان أحيانا ينظر إلى أمرآة متبرجة عارية ويعتبر أن هذا شيء عادى ولكن لما ينفتح في قلبه عين ويرى أنه واقف بين يدي الله وهو أعرض عن الله وينظر إلى العارية التي نهاه الله عن النظر إليها فيستشعر عظم الذنب ، فما بالك إذا كانت الجناية أكبر من ذلك .
ويضع أبن القيم شرط خامس للتوبة بعد الشروط الأربعة التي هي : ــ
1) الإقلاع عن الذنب ( التوقف في الحال )
2)الندم عليه ( عندما يرىالانسان قبح المعصية يندم كثيرا )
قال رسول الله"صلى الله عليه وسلم " الندم توبة
3) العزم على عدم العودة (أن يكون عنده يقين على عدم العودة ).
4) رد المظالم : كل من له مظلمة عنده يردها ( مثلا أخذت من أحد قلم وتعمدت سرقته يأتي يوم القيامة يطالبك بالقلم أو يأخذ منك مثلا 150 حسنة أو يعطيك 150سيئة ، فالتعامل حينئذ ليس بالدرهم والدينار ولكن بالحسنات والسيئات ) .
يأتي شرط أبن القيم الخامس : ــ أن يؤمن أن الله كان يراه وهو على الذنب والدليل قول الله "إلا من تاب وآ من وعمل عملا صالحا ، فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات "
أى آمن بأن الله كان يراه ،فنقول ماهوكان مؤمن أصلا .. (لا ..لوكان مؤمن ماكانش عمل كده ) لذلك قال رسول الله"صلى الله عليه وسلم "لا يزنى الزاني حين يزنى وهو مؤمن " لأنه لو كان مؤمن وقتها أن ربنا شايفة لا يمكن يعصى ، لكن وقتها غلبته الشهوة فأعمت عينيه عن هذا الفكر وغطت قلبه عن هذا الذكر ونسى الله فنسيه الله فتمكن من فعل المعصية ولو كان وقتها مؤمنا ذاكرا لله لعصمه الله .
4)استشعار مطالعة الجناية فالذنوب مصيبة
يقول بن القيم في كتاب" الجواب الكافي لمن سال عن الدواء الشافي "
مما ينبغي أن نعلم أن الذنوب والمعاصي تضر وان ضررهم في القلوب كضرر السموم على الأبدان على اختلاف درجتها في الضرر وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلا وسببه الذنوب والمعاصي .
قال تعالى :- ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدى الناس
يقول بن القيم :- فما الذي اخرج الأبوين من الجنة وإبليس من ملكوت السماء " المعصية" .
بعض العلماء كانوا يتناظرون على "بكم ذنب يغضب الله على العبد ؟
بذنب واحد ، وهل أخرج آدم من الجنة إلا بذنب واحد وكذلك إبليس ، لكن ربك رحيم وحليم وصبور .
يقول أبن القيم ومالذى أغرق الأرض كلها حتى على الماء فوق رؤؤس الجبال ومالذى سلط الريح على قوم عاد ومالذى أرسل على ثمود الصيحة و..... وفرعون وقارون .
قال تعالى " وكلا أخذنا بذنبه " .
إذا استشعر الإنسان كل هذه العقوبات تعظم عنده الجناية والجناية أنواع من أخطرها "معصية السر "،أن يكون الإنسان أمام الناس تقي وورع فإذا خلى بعيد عن أعين الخلق عصى الله وخطر هذا أن الله عنده أهون من خلقه ، لذلك كان لهؤلاء عذاب فوق العذاب في الدنيا قبل الآخرة قال " صلى الله عليه وسلم "يأتي أناس من أمتي يوم القيامة لهم حسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباءً منثورا ،قال بعض الصحابة صفهم لنا ، قال : أنهم منكم يصومون كما تصومون ويصلون ويقيمون الليل ولكنهم كلما خلوا بمحارم الله انتهكوها ( مثلا يفتح التلفزيون ويتفرج على شيء حرام ، أو عندما يكون لوحده يترك الصلاة ، فهولاء هان الله عليهم ولذلك يوم القيامة حسناتهم غير ذات قيمة ،لذلك بشرهم بسوء الخاتمة لأن الجرأة على المعاصي من أعظم أسباب سوء الخاتمة ، انه يشعر أن ذنوبه كثيرة فيكره لقاء الله ويكره الله لقاءه ويكون كل فكره وهو يموت كيف أقابل الله بذنوبي ولا يتذكر كلمة " لا اله إلا الله"
قال أبو الدرداء : ـ ليحذر أحدكم أن تلعنه قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر ، قيل وكيف ،قال يخلو بمعاصي الله فيلقى الله لعنته في قلوب المؤمنين .
يقول أبن القيم هنا نكته دقيقة يخلط فيها الناس بأمر الذنب وهى أنهم لا يرون تأثير الذنب في الحال ،قد يتأخر تأثيره فينسوه ويظن العبد أن الذنب لا يغير (أي لا ينقض عليه) ، لابد من عقوبة الذنب في الدنيا قبل الآخرة ومن الممكن أن تتأخر العقوبة وتأتى بعد عشرين أو خمسين سنة .
تقول ابن القيم :-
الجرح المندمل على الغش أي جرح لم "شفى " ولكن بدون تنظيف وهو ممكن أن يعمل غر غرينا .
أن الله لا ينسى "يمهل ولا يهمل " يمهل فترى أيدي العصا ه مطلقة كأنه لاحساب فيغترون ويسترسلون ثم يفاجئون ، كما قال الله أو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد لله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب .
قال "صلى الله عليه وسلم " أن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته .
قال أبو الدرداء : أعبدوا الله كأنكم ترونه ، وعُدوا أنفسكم في الموتى وأعلموا ا، قليل يغنيكم خير من كثير يلهيكم وأعلموا أن البر لا يبلى وأن الآثم لا ينسى قال "محمد بن سرين " لما ركبه الغم أنا أعلم سبب هذا الغم ، ذنب ارتكبته منذ 40سنة .
قال يحي بن معاذ : عُجبت لذا عقل من ذي عقل ،يقول في دعاءه اللهم لا تشمت بي الأعداء ثم يشمت بنفسه كل عدو،قيل كيف هذا ؟ قال : أن يعصى الله فيشمت به كل عدو .
قال ذي النون : من خان الله في السر هتك الله ستره في العلن .
يقول أبن القيم : وليحذر العاصي وحشه في قلبه بينه وبين الله لا توازنها ولا تقارنها لذة أصلا ولو اجتمعت لها لذات الدنيا بأسرها لم نفى تلك الوحشة .
الوحشة : تقع بين الإنسان ونفسه فتجده مهموما بدون أن يعرف السبب وقد يرسم لنفسه أسباب ظاهرة ولوحشه هذه عقوبة من عقوبات المعاصي .
وحشة تقع بين العبد ونفسه ثم تستحكم فتكون بينه وبين اقرب الناس إليه
((أي عندما تقرب منه زوجته أو أولاده يقول لهم اتركوني لوحدى ))
تستحكم الوحشة اشد واخطر أن تقع الوحشة بينه وبين الله((مش قادر يصلى أو يقرأ قرآن )) مثلا ومن الممكن أن تستحكم الوحشة لحد إنها قد تقتل، روى أن بعض السلف في يوم عرفه والشمس تستعد للغروب قيل له لبى قال ثمة وحشة واستمر على ذلك حتى أو شكت الشمس على الغروب فقال بأعلى صوته لبيك اللهم لبيـــــــــــــــــــــــــك حتى مات. ومن عقوبات الذنوب والمعاصي أيضا ظلمه يجدها في قلبه حقيقة ، يحس بها كما يحس بظلمة الليل البهيم إذا اظلم ، تصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره حاسس أن داخله ظلمة وسواد وقذارة أيضا مما يعظم جناية المعصية أن المعصية تضعف سير القلب إلى الله أو تعوقه وتوقفه هذا أن لم ترده إلى الوراء .
مثلا :- رجل عمل معاصي كثير ويوم ما نوى يتوب جاءت شلة وأخذته في سهرة كلها معاصي ساعتها كأن ربنا ببقول له إنا مش عايزك ، الأصل أن الله يحبك ويريدك أن تتوب إليه، قال تعالى ((يريد الله أن يبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم ، والله يريد أن يتوب عليكم ويريدالذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ، ويريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ))
أي يريد الله لك التوبة والهداية من أجل ذلك ما تقرب العبد إلى الله شبرا تقرب إليه ذراعا ، المشكلة أن الله يحبك ويزيد في ودك ولكنك بتكره وتتقرب إليه بالمعاصي ، يفتح لك أبواب بيته ويقول لك تعالى "حي على الصلاة " فتنظر في المسجد وتتركه وتمشى ،حينئذ يكرهك الله (مثل الأم مع أبنها فهي في الأصل بتحب أبنها ولكنه قد يجعلها تكره وتدعى عليه .
الذنب أما يميت القلب أو يمرضه مرضا مخوفا أو يضعف قوته حتى ينتهي ضعف الإنسان إلى الأشياء الثمانية التي استعاذ منها النبي "صلى الله عليه وسلم " وهى :ــ الهم ، والحزن ، العجز ، الكسل ، الجبن ، البخل ، غلبة الدين وقهر الرجال .
الهم والحزن قرينان (الهم لأمر المستقبل )، (والحزن لأمر الحاضر )،والهم عقوبة من العقوبات التي تقتل ولو حملته على الناس برضه يفضل في قلبك ، فإذا أجتمع الهم والحزن أصبحت المصيبة أكبر وهم يثمران العجز والكسل لأن الإنسان إذا كان مهموما وحزينا عجز على أن يفعل شي ومع العجز يتكاسل ، والعجز والكسل قرينان أيضا يورثوا الجبن والبخل .
وكل هذه الستة تثمر غلبة الدين وقهر الرجال فيستعلى الآخرون عليه بحق "أن كان دين "،أو بباطل وهو قهر الرجال " ، وكل ذلك من تأثير المعاصي .
أذن قضية تعظيم الجناية والوقوف على الخطر فيها (فالمعاصي خطر حقيقي مضيع وقاتل ولذلك يجب أن تسرع بالتوبة فورا .
التشمير للتدرك :- لو اثنين طلعين سلم درجة درجة ووصلا الاثنين إلى الدرجة العشرين ثم وقف الثاني والأخر استمر21 ,22, 23 علشان الثاني يلحقه لابد أن يضاعف قوته وسرعته 3 أضعاف فما بالك لو كان أكثر اى الفرق بينهما كبير هذا طالع وده نازل .
هذه هي قضية التشمير للتدراك
* لو حسبت عمرك وكم سنة كانت لله وصح ؟
لو كنت منصف تشعر أن لا يوجد حاجة صح وصلت لله , انك محتاج فعلا لان تشمر لان إلى جاى مش قد الراح وخصوصا أن اللي راح كان القوة الشباب منه لكن اللي جاى صعب" تخلفت الإمكانيات ", من اجل ذلك يعظم الرسول اجر شاب نشا في عبادة الله "يظله الله في ظله " ولذلك تعظم المخالفة في الكبر فمثلا شاب في العشرين لم يكن عنده الإمكانيات لكي يعصى ولما وصل مثلا إلى الأربعين وجد الإمكانيات فعصى الله هذا نوع من الخذلان
* أدعو الله أن يرزقك لحظة صدق مع الله .
وقتها تشعر بنور داخلك وتبدأ تشوف صح لما تصدق صح حتشوف الدنيا والآخرة وذنوبك وطاعاتك , وأوعى تنسى ذنوبك اجعلها أمام عينك قال تعالى : ومن اظلم من ُذكر بآيات ربه فاعرض عنها ونسى ما قدمت يداه :- اى ذنوبه
دايما ذنوبك تكسرك وتذلك وتجعلك خائفا ووجل مطالعة الجناية توصلك بذنوبك .
يقول انس بن مالك أنكم تعملون أعمالا هي في أعينكم أدق من الشعر وهى عندنا تعد من الكبائر مطالعة الجناية مهمة في الدنيا لأنك ستطالعها في الآخرة
يقول تعالى :- يبصرونهم يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه كلا أنها لظى نزاعة للشوى (فروة الرأس)
والمصيبة انك عندما تطالع كتابك في الآخرة . قد تجد حسنات في خانة الذنوب مثل "صلى رياء " هكذا عندما يطالع الإنسان الجناية يجد انه لابد من التشمير حتى يعوض ما فاته .
عندما نزلت سورة المزمل , قام الرسول حتى أدمت قدماه وعندما قالوا له أن الله قد غفر لك ذنوبك قال ألا اكون عبدا شكورا , كذلك عندما قالت له خديجة (رضي الله عنها ) إلا تنام , قال لها لقد مضى وقت النوم .
يجب أن يستشعر الإنسان انه لا يوجد وقت والصحيح كل ما يطلبه أن يصلى ويصوم ويقرا القران ويختمه.
*التخلص من رقها :- للمعصية رق لان المعصية تأسر القلب وهذا اكبر عقوبة من عقوبات المعاصي .
*عقوبات الذنوب والمعاصي :-
1- نزع استقباحها من القلب (مثلا) ((الذي يحلق لحيته عندما يخرج أول يوم إلى الناس سيكون محرجا ثم يزول الحرج ))
2- آلف معصية :- (مثلا)((الذي يدخن يقول انه يدخن السيجارة من باب الدلع
ثم أصبح يألف هذة المعصية))
المؤمن يرتكب المعصية وهو متألم ويندم بعدها لكن معصية مع معصية (أي إذا توالت المعاصي)هنا يتم نزع استقباحها من القلب ثم يألفها ويعتادها وهناك من يفعل المعصية بدون لذة ولكنها تكون عادة بالنسبة له ليس إلا.(مثل تدخين السيجارة)
3) تقلب القلب للمعصية : ــ أي يصبح الإنسان عبد للمعصية وهذه هي قضية التخلص من رقها ، أي يحفر الشيطان للإنسان خندقا من المعصية لا يستطيع الخروج منها .
ويتكلم أبن القيم عن النفس فيقول :ــ والنفس جبل عظيم ، وعر في طريق السير إلى الله وكل سائر إلى الله والدار الآخرة لا طريق له إلا من على هذا الجبل ومنهم من هو شا ق عليه ومنهم من هو يسير سهل وانه ليسير على من يسره الله عليه ، وفى هذا الجبل شعاب وأودية وقطاع طرق ليقطعون الطريق على السائرين إلى الله وفوق هذا الجبل يجلس الشطان يخوف الناس من صعوده وارتفاعه ومشقة عقباته " مثلا تيجى تطلق اللحية يقول الشيطان لك أنت مش قدها ، كذلك تحاول تبطل تدخين يقول لك الشيطان لا تستطيع لان النيكوتين ماشى في دمك ، وبذلك يصنع من المعصية خندقا يحاصر به الإنسان كيف تتخلص من رق المعصية ؟ أي تعلق القلب بمعصية معينةلا يستطيع أن
يتخلص منها ( مثلا النظر إلى النساء ومشاهدة الأفلام ) .
وكثير من الناس تخلص من معاصيه ومع ذلك لا يستطيع أن يستيقظ لصلاة الفجر .
أولا: ــ لا يمكن أن ينزع هذا التعلق من قلبك إلا الله ،فيجب على الإنسان صدق اللجوء إلى الله ، لو أراد الإنسان أن يتوب لتاب الله عليه .
قال تعالى : ــ لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم انه بهم رءوف رحيم ، وعلى الثلاثة الذين خلفوا ( وهى معطو فه على النبي ) كذلك الثلاثة كانوا من الأنصار ولكنه ذكرهم منفردين بعد الأنصار لأتهم حالة خاصة ، كانوا صادقين فنوه بذكرهم .
أن الله إذا أمر عباده بأمر أقام النموذج ، فيقيم لنا نموذج العفة في " يوسف " ونموذج تعلق القلب بالله والذكر في" يونس " عليه السلام .
وهؤلاء الثلاثة الذين تخلفوا عن الغزوة ضاقت عليهم الأرض وضاقت عليهم أنفسهم وظلوا خمسين يوم ثم تاب الله عليهم ليتوبوا .
يقسم أبن القيم انه من تاب من ذنب ثم عاد لنفس الذنب فهذا دليل على أن توبته لم تقبل فيؤاخذ بالذنب في الأول والآخر.
فيجب على المؤمن الصبر حتى يتوب الله عليه , لما تسول لك نفسك المعصية اصبر لان لو طال صبر النفس عنك ستفعل المعصية .
ُسئـل عنترة ما هي الشجاعة قال الصبر فضع أصابعك تحت ضرسي وخذ اصابعى تحت ضرسك بعد فترة صرخ الرجل فقال له عنترة لو لم تكن صرخت أنت لكنت صرخت أنا , المشكلة كلها في المقدرة على الصبر , واعلموا أن بالصبر يرتفع القدر , الصبر على الطاعة (أنت تقرأ في المصحف فالنفس تقول لك كفاية كده فتقول لسة شوية حتى تنسى نفسك عندما تستلذ بالطاعة فلا تأمرك بترك المصحف .
مثال :-
عندما تضع زيت وماء في إناء فالزيت يطفو على الماء فيقول له الماء كيف تعلو على وقد انبت شجرك فيقول الزيت للماء أنت تجرى في الأنهار بسلام ولكن أنا صبرت على العصر و الطحن فالبصبر يرتفع القدر
والصبر على المعصية :- كلما راودتك نفسك لمعصية اصبر ولا تسارع إليها .
ثانيا :- استبدال ذلك بلذات إيمانية حسية
مثال:- اللي يسهر أمام التلفزيون للتسلية لو لم يجد البديل في حاجة أخرى سيرجع للسهر أمام التلفزيون لابد أن يجد لذة حسية في الصلاة لأنه لو لم يستشعرها لتوقف عن الصلاة
يقول العلماء القرآن كلام الله فهو صفة من صفات الله واى صفة من صفات الله تتجلى يندك منها الجبل
" لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله " فيجب أن يستشعر العبد لذة القرآن .
ثالثا :- قطع كل صلة بهذه المعصية اى ( التخلص من رواسب الجاهلية ) لان مشكلة التوبة التفاف القلب إلى الذنب حين بعد حين وتذكر حلاوة المواقعة
فهذه علة من علل التوبة فممكن أن يكون مثلا في الدرج وردة أو منديل أو رقم تليفون تراودك نفسك على الاتصال بصاحبته فيجب أن يرمى الإنسان كل شيء يرجعه للذنب ( صورة – رقم تليفون – علبة السجائر )
رابعا:- ذكر الله :- أن يعود الإنسان لسانه على الذكر في جميع أحواله , يستغفر الله دائما وقد قال ربنا :-
" واذكروني أذكركم " وقال سبحانه في حديث قدسي :- " أنا جليس من ذكرني "
كما ذكرنا ثاني مرتبة في اليقظة مطالعة الجناية والوقوف على الخطر فيها والتشمير لتداركها والتخلص من رقها وطلب النجاة لتمحيصها .
فإذا طالع الإنسان الجناية شمر لاستدراك الفارق بالعلم والعمل وكثير من الناس يرجع للمعصية ثاني لا ن ليس عنده علم التوبة ويتخلص من رق الجناية بالاستغفار والندم ثم بطلب التمحيص.
التمحيص :- هي تخليص إيمانه ومعرفته من خبث الجناية , كتمحيص الذهب اى تخليصه من الخبث ولا يمكن تخليص الذهب من الخبث إلا بدخوله النار ولذا قد يسمى التمحيص ابتلاء أو يسمى فتنة وليس معنى طلب التمحيص أن تدعو على نفسك أن يمحصك الله ويطهرك من ذنوبك بأن يعاقبك بالمرض والابتلاء في الدنيا , فقد نهى الرسول عن ذلك , ويجب أن نسأل الله دائما الستر والعافية وإنما المقصود بالتمحيص أن يمحص في الدنيا بأربع أشياء :-
1. التوبة .
2. الاستغفار.
3. عمل الحسنات الماحية.
4. المصائب المكفرة .
واعلم انه لن يكون دخول الجنة لأحد قط إلا بعد هذا التمحيص لان الجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب والجنة ليس فيها ذرة خبث فطالما فيك ذرة خبث فلن ندخل الجنة أو نشم رائحتها ولذلك يكون تمحيص الإنسان بالأربع أشياء السابقة فأن لم تقضى على الخبث , يمحص في القبر بثلاثة أشياء :-
1. صلاة أهل الأيمان عليه ودعائهم واستغفارهم له
2. تمحيصه بفتنة القبر والسؤال والضمة
3. ما ُيهدى إليه من الأعمال التي يصل منها إلى الثواب وما تركه من صدقات جارية يصل إليه حسناته بعدها
فأن لم يطهر يمحص يوم القيامة بأربعة أشياء :-
1. أهوال يوم القيامة
2. شدة الموقف
3. شفاعة الشفعاء
4. وعفو الله عليه
فأن لم تفي هذه الأربعة أيضا دخل النار ولابد لينظف قلبه ثم يطلع من النار يضع في ماء المحياة ثم يدخل الجنة .
* معنى التوبة :- الرجوع
اى أن الإنسان كان ماشى في الطريق إلى الله فأعترضه الشيطان , زين له وسولت له النفس الأمارة بالسوء فرجع من طريق ربنا وصار في طريق الشيطان ومن اجل أن يتوب لابد أن يرجع من طريق الشيطان ولكن لابد أن يعرف كيف يرجع لان كثيرا من الناس التي تريد أن ترجع تتوه .
مثلا :- يريد أن يرجع ويتوب فيلتقطه احد الصوفيين ويدخله في عبادة سهلة ولكنها لا تصل إلى الله
يظل طول الليل يردد يا لطيف.. يا لطيف فهذا لا يدخل الجنة واعلم انه:-
" كل ما لا يقربك إلى الله يبعدك عنه " لماذا ؟
لان الوقت محكوم وأنت محسوب عليك الدقائق والثواني .
لذلك اكبر ندم يندمه الإنسان عند الموت يندم على كل يوم ضاع من عمره
بكى احد السلف عند موته فقالوا له على ماذا تبكى قال على ليلة نمتها ويوم أفطرته وساعة غفلت فيها عن ذكر الله
* قال لأحد العلماء :- هل يسجد القلب ؟
قال نعم سجدة لا يقوم منها إلى يوم القيامة
*هناك كما ذكرنا على شروط التوبة وزاد بن القيم عليهم اثنين تم ذكر الأولى منها اى الشرط الخامس للتوبة ونذكر الآن الشرط السادس للتوبة :-
6- واعملوا صالحا
لا تصح توبة مطلقا بالترك دون العمل لان التوبة عمل ويجب كذلك أن نكثر من الاستغفار .
كان رسولنا (صلى الله عليه وسلم ) يستغفر في اليوم سبعين مرة ويتوب مائة مرة وهو مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم )إلا أدلكم على خير أعمالكم وأذكاها عند مليككم وخير لكم من أنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فيضربوا أعناقكم وتضربوا أعناقهم , قالوا بلى يا رسول الله , قال :- ذكر الله
* ذكر الله من أيسر العبادات .
فلنوفر وقت من أكلنا ونومنا للذكر
* يقول بن تيمية :- شرط طالب الآخرة أن يكون سريع الأكل سريع الشرب ,. سريع المشي , سريع القراءة , سريع الكتابة .
لو وفر الإنسان من أكله عشر دقائق في وجبته , لو وفر ثلث ساعة يقرا فيها جزء من القران فيأخذ 13 ألف حسنة ( إلا تستحق أن يوفرها من أكله )
قالت عائشة رضي الله عنها طوبة لمن وجد في سجلات استغفارا كثيرا.
هناك صيغ كثيرة للاستغفار منها :-
1- استغفر الله
2- استغفر الله العظيم
3- استغفر الله العظيم الحي القيوم الذي لا اله إلا هو وأتوب إليه .
وقال الرسول (صلى الله عليه وسلم)من قال هذه الصيغة الثالثة غفرت ذنوبه ولو كان قد فر من الزحف وهذه خصوصية لهذا الذكر لان العلماء قالوا أن الفرار من الزحف كبيرة (ولكنه يغفر بهذا الذكر )
سيد الاستغفار:- اللهم أنت ربى خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت وابوء لك بنعمتك على وابوء بذنبي فانه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
هذا الاستغفار له تأثير قوى جدا في التثبيت على التوبة، وبالإضافة إلى الاستغفار فان عليك بعمل الحسنات الماحية ، قال ( صلى الله عليه وسلم ) وأتبع السيئة الحسنة تمحوها ،وقد قدم ذكر السيئة على الحسنة ويقول أبن تيمية وهذا ملحظ رائع فان ذكر السيئة قبل الحسنة كمثل قوله "صبوا عليه دانوب من الماء " الذي قالها عندما بال الاعرابى في المسجد ، وذلك ليقع الطاهر على النجس مباشرا فأن وقوع الطاهر على النجس يطهره ووقوع النجس على الطاهر ينجسه لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" صبوا عليه الماء وقال أتبع السيئة الحسنة تمحها أي الحسنة مكان السيئة ، وفى رواية قال : ــ إذا أساءت فأحسن مثلا الحلف بغير الله كفارته أن تقول " لا اله إلا الله " لأن الحلف بغير الله شرك ولو قال استغفر الله أكثر من مائة مرة لم يتب .
أن هناك ذنوب معينه ليس لها توبة إلا بعمل معين ،قال الله : ــ ونكتب ما قدموا وأثارهم "أي الأرض تشهد، فإذا سافرت إلى الإسكندرية مثلا في معصية فأذهب إليها في عمل خير وإذا أنفقت الآلف في معصية فأنفق مثلها في طاعة
وإتباع الحسنة السيئة لا يمكن ولا يتصور الآ لمن عرف سيئاته وعرف الحسنات الماحية لأن الحسنات تجارة ، والتجارة تحتاج إلى خبرة في التجارة ، عندما ترك الرسول " صلى الله عليه وسلم "أم سلمى جالسة تسبح عند الفجر وعاد إليها عند الظهر ووجدها على حالها ، قال لها أمازالت على حالك منذ تركتك ، قالت نعم فقال لها لقد قلت بعدك أربع كلمات لووزنا بما قلت لوزنتها وهم : ــ
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته " هذه هي عملية فن محو الخطايا أي حين تعرف كيف تمحو الخطايا وهى تحتاج إلى علم ، أي لابد أن تكون الحسنات الماحية أكثر كما وأعظم نوعا .
والمصائب المكفرة : ــ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " حتى الشوكة تشاكها تحط بها من خطاياه .
الحمد لله الذي لا يبتلى إلا بعد أن يرزق الإيمان فيعطى إيمان على قدر البلاء ،فينزل البلاء فيخففه الأيمان .
يقول "صلى الله عليه وسلم " (ما أبتلى الله عبده المؤمن في جسده أو ماله وولده ببلاء إلا لأحدى معنيين : ــ
* أما أن يكون له درجة عند الله لا يبلغها إلا بهذا .
* وأما أن يكون عليه ذنب لا يكفر إلا بهذا
أن رضاك بقضاء الله وقدره إثبات بأنك عبده وعدم رضاك بقضاءه وقدره كأنك تتأله على الله
قال احد السلف :ــ أن الناس تساووا في العافية فإذا نزل البلاء تمايزوا ،وتباينوا
قال تعالى (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب )
وقال صلى الله عليه وسلم " الناس معادن "، أي عندما ينزل البلاء يظهر إذا كان معدنه ذهب أو ورق يحترق .
كانت ذنوب الصالحين قليلة لذا كان يتذكر أن هذه المصيبة بسبب هذا الذنب ، ولكننا ذنوبنا كثيرة لذلك وقت وقوع المصيبة لا نستطيع أن نربطها بذنب معين فنقول " وما يعفو عنه الله أكثر " ، الحمد لله الذي ابتلاني بشيء بسيط وكل ما كان في جنب الله يهون .
عسرت أمرآة أثناء مشيها فقطعت إصبعها فضحكت فقيل لها أتضحكين ،قالت "حلاوة أجرها أنستني مرارة ذكرها "، أي تذكرت أجرها عند الله فضحكت .
المصائب المكفرة كبيرة وصغيرة بشرط أن تظهر الرضا ،فلابد من أظهار الرضا وتقديم الحمد ،لأن بعضنا مشكلته أنه لا يستطيع أن يظهر والله عليم بالبواطن ولكن الله يحب أن يمدح وأن يثنى عليه .
فأنت تكون مريض وراضى من الداخل ولكن يرى الناس على وجهك الألم فيسيء الناس الظن ويقولون " كان راجل طيب ، لماذا أبتلى بهذا البلاء ؟
فكأنك شنعت على الله ، لذلك لابد من إظهار الرضا ولا يوجد مانع من تجرع المرارة وإظهار الألم ولكن بتقديم الحمد .
تجويد التوبة : ــ
لا ينال لذة المعاصي إلا سكران الغفلة فأن المؤمن لا يستلذ بالمعصية لأنه يعلم أنها حرام ويخاف من العقوبة وهو يعلم أيضا أن الله قريب وأن الله يراه ، فكيف يخاف من أن يراه والده أو والدته أو صاحبه ولا يخاف أن يراه الله ، فهو أن غلبت شهوته هواه ونفسه الأمارة بالسوء ويقع في المعصية ، فبعد أن يفيق يلازمه الندم والبكاء حتى ولو تيقن العفو ، وهو مع انكساره وذله وعلمه أن الله عفو ، ولكنه ينغص هذا العفو أن يعاتبه ربه، فالكل سيعاتب (كل من أذنب أن لم يعاقب فسيعاتب ) .
الإنسان يذوب أمام الله خجلا وحزنا لأنه يعطيه النعم ويعفو عن ذنوبه ومع ذلك يعصاه .
يقول أبن القيم : ــ
ينبغي لكل ذي لب وفطنه أن يحذر عواقب المعاصي .
س : هل المحبوب لله تعالى يحاسب بما يحاسب به غيره أو يسامح بما يسامح به غيره ؟
يقول العلماء : انه قد يسامح فيمالا يسامح به غيره ولكن لابد أن يعاقب فيما لا يعاقب به غيره ، لان المحبوب خطأه كبير ،انك لا تعاتب غير الذي تحبه
وأستدل العلماء بأدلة كثيرة :منها أن موسى ألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره وفقع عين ملك الموت ومع ذلك فأن ربنا سامحه في ذلك لوقوفه أمام فرعون ، ولكن في مقابل ذلك كله يقول الله تعالى لرسوله " صلى الله عليه وسلم ": ــ ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين " هنا الله يهدد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم "
يقول أبن القيم : ــ وان كان حلمه يسع الذنوب إلا انه إذا شاء عفا ، فعفا كل كثيف من الذنوب ، وان شاء أخذ أخذ جبار .
يقول أبن القيم رأيت أقوام من المترفين كانوا يتقلبون في الظلم والمعاصي الظاهرة والباطنة فأخذوا من حيث لم يحتسبوا وما كان ذلك إلا لأتهم أهملوا جانب الحق وظنوا أن ما يفعلونه من خير يقاوم ما يفعلونه من شر .أي كانوا يعملون خير كثير من قيام ليل ومساعدة محتاجين وإنفاق في سبيل الله ومع ذلك فأنهم كانوا يتقلبون في معاصي ظاهرة ( مثل نظرة .. شتم .. كذبة ) وباطنة ( الكبر والغرور والعجب ورضا عن النفس واحتقار للآخرين وحقد وبغضاء على المسلمين ) .
ويقول أبن القيم : ــ ورأيت أقوام من المنتسبين إلى العلم أهملوا نظر الحق سبحانه في الخلوات فمحا الله محاسن ذكرهم في الجلاوات فأصبحوا لا حلاوة لرؤيتهم ولا قلب يحن إلى لقاءهم .
فالله الله في مراقبة الحق جلا وعلى فأن ميزان عدله تبين فيه الذرة وجزاءه مرصود للمخطىء ولو بعد حين ، وربما ظن العبد العفو والإمهال ولكن للذنوب عواقب سيئة وأن عليكم من الله عين ناظرة وإياكم والاغترار بحلمه وكرمه .
قال بعض المراقبين لله : قدرت على لذةهى ذنب وليس ككبيرة ،فنازعتني نفسي إليها اعتمادا على صغرها مع عظم فضل الله وكرمه وقلت لنفسي أن غلبتني هذه فأنت أنت وأن أتيتنى هذه فمن أنت وذكرتها حالة أقوام كانوا يفسحون لأنفسهم في مسامحة ،كيف انطوت أذكارهم فرجعت عما همت به .
ثم يقول الشيح : قل سبحان الملك العظيم الذي من عرفه خافه وما آمن مكره قط من عرفه .
الله يمهل ولا يهمل ، وإنما كان الإمهال ليبلوا صبر الصابر ويملى في الإمهال للظالم فيجزى هذا على صبره ويجزى هذا بقبيح فعله .
المصيبة أن هناك حقوق عباد فأي معصية لابد أن يقع منها ظلم , وكما قال الأمام الذهبي أن الإنسان يمكن له أن يرفع قضية على إنسان تارك صلاة ويقول أنه بخسني حقي لأنه ضيع دعاء لي في كل صلاة ، فالمصلى يقول في التشهد "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " فإذا لم يصلى فهو حينئذ لا يسلم على ، فأي معصية يرتكبها فأنك تأخذ حق مسلم .
الله يبلوا صبر الصابر : لما أمر الحجاج أن يقتل سعيد بن جبير ، ضحك سعيد فلما سأله الحجاج عن سبب ضحكه قال أعجب من جرأتك علىالله مع حلم الله عليك (هذه هي ليبلوا صبر الصابر أي ليبلوا الله سعيد في صبره هل يصبر أم لا ويبتلى الحجاج سيزدجر أم لا ليجزى هذا على صبره وهذا على سوء فعله .
" سبحان من ظهر حتى لا خفاء به ، واستتر حتى كأنه لا ُيعرف ، وأمهل حتى طمع في مسامحته وأخذ حتى تحيرت العقول من مواخذته " لا حول ولا قوة إلا بالله .
يقول الشيخ : ــ من أراد دوام السلامة والعافية فليتقى الله فانه ما من عبد أطلق نفسه في شيء ينافيه التقوى وأن قل إلا وجد عقوبته عاجله أو آجلة .
ومن الاغترار أن تسيء فترى إحسانا فتظن أنك قد ُسمحت وتنسى "من يعمل سوء يجزى به ،وربما قالت النفس ربنا غفور رحيم ، ولا شك أنه يغفر ولكن لمن يشاء ، وذلك أن من هفا هفوة لم يقصدها ولم يعزم عليها ولا عزم على العودة بعد الذنب ثم انتبه لما فعل فأستغفر الله كان فعله هذا خطأ ولو كان في صورة العمد ، مثلا أن يذهب الإنسان لعمل حسنة فيقع في معصية ، كيف؟ أنه ابتلاء .
قال تعالى : أنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليه "
مثل أن يعرض له مستحسن فيغلبه الطبع فيطلق النظر فإذا انتبه ند

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.