الاثنين، 13 يونيو 2011

كلام فى الحب


كلام  فى الحب
الحب  تلك الكلمة قليلة الحروف كبيرة المعنى والمبنى التى أصبحت تلوكها ألسن الناس بمناسبة وبغير مناسبة حتى فقدت معناها من كثرة استخدامها بين من يفهم معناها ومن لا يفهم 
والحب عاطفة جياشة تتغلغل فى حنايا القلوب إذا صدقت النوايا وخلصت السرائر ، كما أن الحب مراتب ودرجات أعلاها وأغلاها حب الله وحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما ورد فى بعض كلامه صلوات الله عليه فيما معناه (لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) .
 وهذا الحب هو أعظم حب لان الذى يبادلك إياه هو المولى جلت قدرته ودلائل حب الله لعباده المحبين اكبر وأعظم من أن تحصى ويكفى للدلالة عليها أن تجد فى القرآن وفى الحديث جملة ( إن الله يحب ) التوابين والمتطهرين والمؤمنين والمتقنين لإعمالهم والذين يقاتلون فى سبيله ....
 يلي ذلك حب الوالدين والأبناء والأقارب والأصدقاء وبقية خلق الله ممن نتعامل معهم فى حياتنا وهكذا دواليك ولا ينقص مقدار الحب لأي من تلك النماذج عن الآخر إلا بمقدار نوع العلاقة فلكل مكانته عند المحب ، والحب إذا خلا من المصالح والأغراض كان ذلك مدعاة لقوته ودوامه لأنه ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل .
 وإذا شاع هذا الحب الخالص المنزه بين الناس شاعت الطمأنينة والمودة والرحمة والمروءة وإنكار الذات وحب الآخر وفعل الخيرات ، وإذا اختفى الحب فالعكس صحيح ؛ فما نراه الآن بين الناس ليس حبا وإنما هى كلمات هم قائلوها بألسنتهم لا تتعدى أفواههم ، وإلا كيف نفسر ما نراه الآن فى المجتمع من تقاتل وتناحر وأنانية وفقدان لكل القيم واعتداء على الحرمات وتلاشت كل المعانى الجميلة والأخلاق الحميدة وانتشار النفاق والكذب ، والحب الصادق لا يحتاج إلى كلمات وإنما هو فعل ، ولله در من قال (أخاك الحق من كان معك  ومن باع نفسه لينفعك  ومن إذا ريب الزمان صدعك  شتت فيك شمله ليجمعك) .
 وذلك لأنه يحبك والحب يجب أن يكون عن احترام لا عن خوف فالحب الذى يبنى على الاحترام لشخص المحبوب يبقى حتى لو فرقت بين المحبين الأماكن والأزمان إما الحب المبنى على الخوف فانه ينتهى بمجرد أن تغادر من يبادلك هذا الحب الزائف .
 وفى هذا يقول الأستاذ العقاد رحمه الله (إذا احبك الناس مخدوعين فلا تفرح وإذا كرهك الناس مخدوعين فلا تحزن فربما كانت بعض الكارهات خير من بعض المحبات) ولهذا فانظر إلى نفسك أولا فان كنت مخلصا لمن تحب صادقا فيما تقول فاعلم انه يبادلك نفس المشاعر ، ولهذا قيل فى الموروث الشعبى ( من القلب إلى القلب رسول ) وقد يسعد بعض ممن يتولى منصبا من عبارات المدح والحب التى يلقيها على مسامعه المنافقون من مرؤوسيه إذا كانوا يخشون من سلطاته وبطشه إما إذا كان الحب قائم على الاحترام لشخصه ولكريم خصاله وحبه لهم فعندئذ لا يحتاجون إلى قصائد المدح وإنما أفعالهم تنبئ عن مكنون صدورهم وترى تفانيهم فى العمل وإتقانهم فى الأداء فالحب والخوف لا يجتمعان .
والحب الذى أقصده هنا هو الحب الراقى الخالص لوجه الله كما ألمحنا ، وليس ما تلوكه ألسنة الشباب على مسامع الفتيات ولا ما نسمعه فى كلمات الاغانى الهابطة والمسفة هذه الأيام فهذا نوع من الحب الغريزى وهذا النوع لم يرد إلا مرة واحدة فى القرآن الكريم فى قول الله عز وجل فيما يخص امرأة العزيز وسيدنا يوسف (قد شغفها حبا) فهذه حالة غريزية ، أما الحب كما يريده الله ورسوله فهو لمن أسلفنا الحديث عنهم من النماذج العديدة ، الحب الذى يعلى من قيم الحق والجمال والخير ، أما الصنف الآخر فانه ينطبق عليه مقولة (ومن الحب ما قتل)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.