الأربعاء، 2 سبتمبر 2020

"المثقف العربي بين الإغراءات الفاحشة والقلم النبيل" بقلم الشاعرة والفنانة التشكيلية د. يسرى الرفاعي / سوسنة بنت المهجر




موضوع الحلقة "المثقف العربي بين الإغراءات الفاحشة والقلم النبيل".
لمناقشة هذا الموضوع لا بد وأن نستحضر العناصر التالية
- دور الأقلام النبيلة في الالتزام بالحياد وضبط المعلومة
- تأثير الإغراءات الداخلية والخارجية على المثقف العربي
- كيف تقلل الأقلام المأجورة من سمعة المثقف السامية

تمت مناقشة الموضوع
تحت إشراف سفير السلام الدولي الدكتور محمد جسي وتحت إشراف رئيس الاتحاد الدولي للكتاب العرب سفير السلام الدولي الدكتور محمد أبو النصر
------------------------------------

_المناقشة هنا بقلم الشاعرة د. يسرى الرفاعي / سوسنة بنت المهجر
____________________


القلم والكتابة توأمان لا ينفصلان بهما تقوم الأمم وتنهض وبهما تنهارالأمم إلى أسفل السافلين .. فالكتابة وسيلة إيضاحية وتعبيرية نعبرمن خلالها عن حضارتنا وتراثنا وعن فكرنا ووعينا وثقافتنا وبها نرتقي لنسابق باقي الأمم..أقلامنا هي ألسنة ضمائرنا الحية المتيقظة وصوت الحقيقة التي لا يريد أن يسمعها ولا يعرفها الكثيرمن حولك ..
وسلاحنا الفتاك لنصرة الحق ودحرالباطل في وضح النهار..
وقناديل النورفي وجه الليل المظلم الظالم لآنسانيتنا ..
ولا ننسى أن أقلامنا تحمل ما تكنه دواخلنا وما تجول به خواطرنا وما تخزنه النفوس الراقية الطيبة من أنفعالات ورغبات وأمال وأحلام للحاضر والمستقبل بكل تجلياته ..
حاسب وكن حذرا من تهور قلمك ووقوعه في براثن الخيانة والمزادات الدنيئة .. فمن خلال القلم تدون كل ما تريد أن توصله لمن حولك فبه تثير النقاشات والحوار للنهوض بالمجتمع والأمة فالقلم سلاح فتاك إما تسلطه على رقاب العباد كالسيف تهوي به فتسفك دماء هذا وذاك دون وجه حق ..وإما ترفع به هامات الأجيال وترفع به قدرأمتك ووطنك ..من خلال القلم توصل أجمل الرسائل وأجمل الكلام الذي يجبر خاطر المكسوروبه تحبط اليائس أكثر وتمزق قلبه وتنثر أحلامه في الهواء.. ومن خلال القلم تحررت الكثيرمن العقول الصعبة المتشبثة بالعادات والتقاليد البالية وتلك المتسلطة والمتربعة على سدة الحكم في العائلة وبعض المجتمعات العنيدة والمتشبثة في رأيها ولو كان خاطئا ..
ولكن للأسف هذا الزمن أبتذلوا فيه الكثير من المبادىء والمفاهيم الخاطئة  فبات واقعنا صعب ومعقد كثرت فيه الفتن والحروب والدمار وتمويه الحقائق ..مما جعل الكثير من الأدباء والكتاب والشعراءوالكثير من النقاد والصحفيين أتخاذ الكتابة والقلم مطية لمأربهم الخسيسة  فباتوا يضللون ويزورون الواقع والحقائق ويقلبون الحق باطلا بأقلامهم المأجورة والمسيسة الكاذبة ليتهم يعلمون أن الأقلام مثل الرايات أما بيضاء ناصعة نقية كبياض الثلج وأما راية سوداء كالحة كوجة الليل البهيم حين يغيب القمرمن سمائه مليئة ملطخة بالسواد والدناءة والكذب والرياء والزييف .. وللأسف باتت الأقلام والكتابة سلاحا مدمرا كالقنبلة الموقوتة تثورفي وجه الأبرياء والضعفاء والمظلومين .. وترفع من قيمة وشأن الظالم والحاكم الجائروتسقط في طريقها مفهوم الأنسانية والمبادىء النبيلة والتسامح والسلام والمحبة تاركة كل شيء جميل خلفها ..لتعبرإلى عالم النفاق  متوشحة بالسواد القاتم الذي لو أغتسلت في بحارالكون لن تعود كما كانت ناصعة شفافة ..
فلا تؤجر قلمك ليتحول لتابع يتصف بالخنوع والآذلال لتقسم ظهرالقيم والأخلاق والمبادىء التي تنهض بمجتمعك وأمتك وتجعلك تتفوق على باقي الأمم .. فهذا الخنوع يجعلك تنحدر لقاع سحيق من الضياع والتهوروالفساد والبعثرة والتشتت الذي لا يحمد عقباه .. ولا تكن بقلمك كذاك الذي ينثر الشوك ويغرسه في دروب الناجحين والصالحين  لتزداد العقبات ويزداد التعقيد والصعوبة ....
وجب على القلم المثقف أن يدافع عن قضايا أمته ووطنه وينصرالحق ويدحر الباطل بقوة بدون أن تنتظر مقابل دفاعك وعملك هذا مكاسب مادية مغرية .. فالوطن غال جدا وجب أن تكرس جهودك من أجل خدمته وخدمة قضاياه من أسرى وطفولة وقضايا المرأة وغلا ء فاحش في المواد التموينية والنفطية والمواد الضرورية للحياة اليومية وغيره الكثيرمما يهم المجتمع والوطن الذي نفدية بأرواحنا ودماءنا وليس فقط بأحبارنا ..
كما هو معلوم للجميع أعلامنا يلعب الدورالأكبروالأهم في حياة مجتمعاتنا في كل الدول العربية .. فالآعلام كمرآة عاكسة تعكس ما يدور ويحصل لو كان الآعلام نزيها لا يزور ولا يقلب ما يدور ويحصل لصالح بعض الجهات التي تنفث سمومها تحت مسامات المجتمع .. من المفروض الآعلام الواعي المثقف أن يرسخ الدعائم المتينة القوية كأساس لبناء المجتمع الصالح وبث روح التعاون ليتماسكك وتتوحد سواعد رجاله وأفكارهم على قلب رجل واحد.. فالآعلام له الدورالأكبر في إنهيار بعض المجتمعات والدول أو رفعها للقمة لآنه يسيطر على كل مناح الحياة كافة ..
ولكن مع كثرة المواقع والشبكات العنكبوتية والصحف الآلكترونية والورقية  باتت الأقلام المأجورة الفاسدة المضلة المضللة المسلطة على رقاب العباد كالسيف البتار معروفة  للجميع واضحة كنورالشمس ..والأقلام الحرة الوفية للوطن النزيهة والصادقة مع نفسها أولا ومع غيرها تقف في وجه كل قلم متآمرعلى شعبة ووطنه ومأجورللفساد وضياع أبناء وطنه وهدردماء الأبرياء ..باتت بحرية رأيها وحرارة دمائها تنسف الأرضية تحت أقدام هؤلاء الفاسدين المآجورين .
والمجتمعات اليوم مختلفة عن مجتمعات الأمس فيها الكثير من الوعي  والحس الوطني والصدق والنزاهة والثقافة والإدراك لما يحدث ويحصل ويدور خلف الكواليس .وما يحصل من تحت الطاولة المستديرة.
فمن كان ضميره حيا يقظا لا يمكن أن يكون إلا مع الآنسانية والحرية والسلام العادل الذي يخد وطنه وشعبه ..
أتمنى من جميع الأقلام أن تكون إنسانية خادمة للعدل والتسامح والحب والسلام  بعيدة عن إثارة الفتن والمشاكل والأشتباكات القتالية الداخلية وغرس الكره والحقد في مجتمعاتهم .. وتعمل بشكل جدي على نقش أحلام الواعدين وتطلعات مجتمعاتهم وتسير بها نحو التقدم والتطور والحداثة لترقى بهم ..
وأن تكون ناقلة لكل معاناتهم وجراحهم وعذاباتهم وهمومهم ليجد لهم المسوؤلين الحلول الناجحة .. كما تبث فيهم روح الأمل والتفاؤل ونقل الحقيقة دون تزوير ..
كما أتمنى أن لا يسقط وقاروهيبة أقلامنا القوية الجريئة على الوقوف أمام الباطل وأن تبقى صامدة في وجة الهمجية التعسفية الصهيونية كمنارة في وسط بحر هائج.. ويبقى صاحبها يحمل فكره التنويري الوسطي العادل ليبقى محايدا نزيها لا يخذل من اعتمد عليه يوما .. ناصرا للقضايا والقيم والمبادىء الفاضلة .. كن إيجابيا لترتفع وتسمو راية وطنك عاليا ..
ولتحفظ ماء وجهك من الصفعة والأحمرار وجب أن تتحرر من القبلية والعصبية وكل ما يتبعها من طائفية مقيتة تجر خلفها أذيال الخيبة والحروب والدمار..
الشاعرة والفنانة التشكيلية
د. يسرى محمد حسين
سوسنة بنت المهجر
الأردن





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.