التسميات والتصنيفات

الجمعة، 6 مايو 2011

الغربة والرحيل عن أرضنا وثرانا الطاهر



الغربة والرحيل عن أرضنا وثرانا الطاهر









الغربة  والرحيل عن أرضنا وثرانا الطاهر

أعتدت كل مساء الجلوس لوحدي على فرندة غرفتي في صمت وسكون احتسي فنجان قهوتي
وأنا أقلب الفنجان ذات اليمين وذات الشمال اطالع حبيبات الهيل والبن في قعره علها تخبرني
عن بعض ما يجري ويحدث بين اسوار الوطن، وما يحدث لتلك المآذن القابعة هناك
توحد الله وتسبحه في صمت وسكون ،وهي تنعي لحال وضمائر حكام أمتنا التي ماتت ولكنها
ما زالت تتشبث بالحياة كأنها برعم يريد النماء من جديد. .
وفجاة اصغيت لزفرات أنفاسي في صدري وهي تتصاعد على عجل من امرها
وعيوني مغرورقة بالدموع  تنظر للبعيد باحداق قد ملأهما الشوق والحنين لشيء عزيز على قلوبنا ،
انتزع من أرواحنا  ومن بين أنفاسناعنوة، قلبي يتفطر لهفة وحنينا لتلك الديار والثرى الطاهر
والأرض والجذورالأصيلة ، زهرة المدائن ومآذن اقصانا الجريح المطعون في الصدروالروح  ..
أنها قابعة على مقربة من قلبي ولكني لا اقدر أن أطالها أو المسها بيدي، ولا استطيع أن اتنسم نسماتها المنعشة،
التي ترد الروح والأنفاس إلى مطارحها..
لا استطيع الجلوس بين افيائها ،وشجيراتها ،واحتساء قهوتي
الصباحية كعادتي اليومية، والنظر إلى أزهار اللوز والزيتون
والليمون ،والتمتع بعصير برتقالات حيفا ويافا.
لا أستطيع السير والمشي باقدام حافية على رمال بحر غزة
الغافية هناك بين احضانك يا وطن العزة..
ذلك الكيان النقي المقدسي الذي تشتد إليه الأشواق والحنين .
وتشتعل اللهفة في الأعماق للوصول إليه ولكن هيهات وهيهات
المنال بعيد ،والآمال تحطمت وتناثرت بين ارجاء الكون كذرات
رمال متطايرة في سماء كلها أهات وتنهدات تقطع الأكباد..
ولكن يبقى ويظل لبريقه معنى اخر متوهج داخل نفوسنا
وارواحنا وتتمسك وتتشابك، وتتشبث به الأنفاس من جميع
الأطراف كتمسك ارواحنا بأجسادنا ويبقى أحتياجنا إليه شديد
وقوي كأحتياج اجسادنا وأرواحنا للأوكسجين النقي ..
ذلك الجذرقاهر الأعداء الذي يجذب أرواحنا إليه في كل أوقاتنا
في جميع أيامناوحياتنا ويجذب ويشد جميع نبضات قلوبنا وقلوب
من حولنا، متجاوزة بذلك الم وحدتي ومرارة البعاد والفراق ..
ولكنها طبيعة في الإنسان الحي متيقظ الضمير والروح والقلب
يفتش عن عناصر وامدادات بقائه وإستمراره على هذه الأرض
الطيبة النقية التي هي بدورها اشتاقت لنا وتنادينا صباح ومساء
تنادينا بلهفة الأم وحنانها ،وحب الأب لأولاده وخوفه عليهم من التبعثر والضياع في زحمة الأيام ..
تناديني مع كل بزوغ فجرباسم لأتنسم عبق ثراها وأشتم عبير نسماتها النقية. وبالرغم من كل مشاعر اللهفة ، والأشتياق والإنتماء الأكيد في أعماقنا لتلك الديارالطاهرة باشجارها، وسمائها وبحرها ، وجميع اجوائها،ولكن تبقى الحياة صعبة وقاسية مؤلمة بجوار سيطرة الأحتلال الغاشم الذي فرض سيطرته وقبضته وضيق الخناق على ارواحنا، وجميع صباحاتنا اصبح لونها كحلي وأسود قاتم كليل تظلله غيوم شتاء قارص ، مجبرة هذا الشعب العريق ، على التأقلم والتوافق معها والمثول التعسفي لقواعدها الأجبارية المتزمته وبنودها المجحفة بحق شعب بأكمله .
ولكن رغم التحديات والصعاب التي اغلقت جميع منافذ الحياة سيواصل هذا الشعب العريق البحث والتنقيب عن طريق جديد لتذليل الصعاب و العقبات والوصول إلى معابر ومنافذ النور الساطع ..
ولعل هذا سببا قويا في نظر الكثير من شبابنا ليجعلة
تائه الخطى ،مبعثر التفكير والخاطر يفكر بشكل غير منطقي
ولا مقبول يفكر بهجرة أرض ومقدسات تصرخ  بصوت مبحوح صباحا ومساءا وتناجي من يخلصها من قهرها وظلمها ويلملم
جراحها، يهاجر ويفارق الأحبة والوطن الطاهر ويحكم على نفسه
العيش في المنافي كقطط الشوارع بلا مأوى بلا دفئ بلا مشاعر ولا أحاسيس. بلا حب ..بلا صداقة .. بلا افكار ولا خواطر.
لأن مشاعره واحاسيسه خلعها كما يخلع ردائه وتركها خلفه على
أعتاب الوطن شاهد عيان على كل ما يدور ويحصل خلفه على
ارض الوطن النقي الطاهر كطهر الماء الزلال ..
فهل أصبحت الهجرة خارج اسوار وجدران الوطن هي الحل
الوحيد والأمل المنتظر لحل جميع مشاكله وصعوبة أيامه وأنفاس فجره البطيئة ؟؟!!
هل اصبحت الهجرة هي الطريق المختصر لبلوغ وتحقيق الأحلام والأمال المنشودة ؟؟!!
هل عجز الوطن عن تحقيق أحلامنا وأمنياتنا ؟؟!!
ألا يكفي تهجير بعضهم قهرا وقسرا وظلما من أعداء الوطن؟؟
أيا.. من تفكر في هجر وطنك وارضك وسماء وطنك الحر ؟؟!!
أنك مخدوع وواهم وهم كبير ملأ قلبك وأعماقك،وأحداق عيونك.
فالغربة ليست هي الحل ولا الحلم الذي يحقق لك مستقبلك
كن واثقا أنه بقدر ما تأخذ من الغربة ، سوف تدفع بالمقابل الثمن
غاليا ولن تستطيع على تحمله ، أنها المرارة والألم والحزن
الطويل المسافر بين مساءاتك وصباحاتك ممزوج بفنجان قهوتك
ولقمة عيشك العلقمية .. وربما تدفع من كرامتك وتسقط من مبادئك وأخلاقك وتعاملك بعزة وشهامة..
انها راحة بالك وسكونك وهدوئك وسكينة قلبك التي تتبعثر
وتتناثرفي جميع الأماكن، أنها زهرة شبابك وحياتك التي تذبل
وتصفر وتتساقط اوراقها كخريف هرم على أعتابك وأعتاب
شرفات حياتك ..
سوف تمضغ ساعات وقتك مضغا تشوقا وحنينا
لوطنك وارضك وجذورك سوف تعلكها وتقذفها في جوفك الما
وحسرة وندما على فراق احبتك ، وبعدك عن تراتيل وعزف سيمفونيتك
لوطنك في فجرك المنبثق من رحم معاناتك .
يا من تفكر في الهجرة والبعاد والرحيل عن اصلك
واشجارك واقصاك وكل ما يمت لك بصلة .
راجع نفسك آلآف المرات قبل أن تخطو خطوات طفل يترنح في خطواته
على درب حياته،و تقطع الأنامل تحت مقصلة الندم وتأنيب الضمير على فعلتك ..
يا من تفكر في البعاد وفك وبتر جذورك من جذور اشجار زيتونك
الممتدة منذ ألاف السنين في عروقك وكيانك وكيان وطنك.
يا من تفكر في خلع نفسك واعماقك من اقصاك وزهرة المدائن
وسط هذه المشاعر المتناقضة بين أحتياجك وبعدك ورحيلك
حكم عقلك وليس قلبك حتى لا تخسر حياتك ووطنك مرة واحدة ..
ومع كل ذلك نقولها  :
هل يبقى مفهوم الهجرة والرحيل عن ارض الواقع مقبولا من البعض ومستنكرا من الأخرين ؟؟..
فهل ارواحنا اصبحت في موضع سهل وبسيط للأختيار ؟؟!!
وهل بهذه البساطة والسهولة نضحي بوطن بما حوى بين جنباته
ونتركه لغيرنا يتمتع بكل خيراته ..؟؟!!
وهل لقدرنا دور في توجيه خطواتنا نحو ابواب وأعتاب المجهول!؟
أم هي مجرد نزوات تحكم عقولنا وقلوبنا على السواء ؟؟!!

همسة أخيرة
في أذن كل من عقد العزم على الهجرة وترك الوطن
أجعل شجرة الزيتون المليئة بالأمل والطموح والأصرار، قدوتك في حياتك
أجعلها منبع الأمل لقلبك وروحك
وتعلم منها الأصرار والأمتداد عبر ثرى الوطن
كلما أقتلعها الإحتلال وبتر جذورها من أعماق قلبها
أصرت ونمت وترعرعت من جديد وأنبتت جذورها في عيون
الغاشم الحاقد كأنها تلقنه درسا ،هذه أرضي وهذا وطني
ارحل عنا وأتركنا في حالنا
كلما أسرها وقيدها وسجنها ، فجرت نفسها في أعماقة
مقطعة حباله الصوتية ومانعة عنه الأوكسجين والهواء المقدسي
وهل بعد كل هذا تفكر في هجرة الوطن ؟؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.