قراءة ونقد تحليلي لقصيدة / ذاكرتي سيصيبها الزهايمر بعدك/
بقلم د. والأديب والشاعر والكاتب والقاص/ زياد اللوباني / قلم العروبة / الأردن.
ذاكرتي سيصيبها الزهايمر بعدك* بقلم الشاعرةد. يسرى الرفاعي
يامن عزم على مغادرة
ضفاف روحي
وبساتين أشواقي
ستذبل بعدك حقول وجدي
وتموت بسم غيابك ..
لا تتركني وحيدة
بين أكوام ذكرياتي
فمن يتوجني أميرة
ويرسم طيفي بعدك..
من سيلون حياتي المتصحرة
بلون الربيع النضر
وتلك الفراشة العاشقة لظلي
بعد مغادرتك ..
لاتتركني وحيدة يا ظل عمري
فبسمتك نورالفجر الغجري
ونظرتك الساحرة بهاء مسائي
فمن يلحن لمسائي
ألحان شجون عشقك
وترانيم صبرك..
لا تتركني وحيدة
بين أنياب الماضي
أقلب دفاتري المليئة
بتنهيدات روحي
فعناكب الغياب المرير
ستنسج خيوطها القوية
على نوافذ كياني
وشرفات حنيني
وأغصان هيامي بعد رحيلك..
لا ترحل بعيدا فذاكرتي
سيصيبها الزهايمر بعدك
والقلب سيصدأ كحديد بيتي
والشريان بقسوة سينزفني
وطيفك لا يقبل إحتضاري
وأنا جفن فؤادك وبسمة عمرك
الشاعرة د. يسرى الرفاعي
سوسنة بنت المهجر
*******
يعد الشعر من أهم وسائل التعبير عن الشعور الإنساني... ويرتبط بوجود مشاعر خاصة في وجدان الشاعر الذي، يكتب هذه القصائد... ويكتظ الشعر على وجه التحديد بأبيات تم فيها ذكر فراق المحبين... وكيف انتهت الحكايات الجميلة التي كانت تجمعهم...فهو من الموضوعات المطروقة التي يتناولها الشعراء... وتتخلل معانيها معظم قصائدهم وكل منهم يتناول الفراق من وجهة نظره ويحلل في القصيدة أسباب الفراق ونتائجه.
لو تفحصنا هذا النص لوجدنا العبارات أكثرها تنطوي تحت مزاج انثوي عانى من الفراق...الشاعرة الدكتورة يسرى الرفاعي( ريحانة الأقصى) ترسم الكثير من الصور الشعرية بعبارات مطرزة بمسميات كثيرة... بحيث تأتي ملائمة ومتواضعة مع القصد والفكرة... ولها قدرة تصويرية هائلة في وصف الذات... وهذا قلما نجده في شعر الرجل الذي ينوب عن المرأة في الغزل.
ذاكرتي سيصيبها الزهايمر بعدك... من هنا بدأت شاعرتنا بعزف إيقاع منفرد يدل على مدى معاناة فراق الحبيب ( يا من عزم على مغادرة ضفاف روحي وبساتين أشواقي ستذبل بعدك حقول وجدي وتموت بسم غيابك) ملحمة أعلنتها شاعرتنا في تاريخ الشعر وانفردت بأسلوبها النادر الذي من خلاله استطاعت ان تكون قامة أدبية كبيرة على مستوى الوطن العربي.
سأتوقف عند صورة تشبيهية رائعة وهي ( ستذبل بعدك حقول وجدي وتموت بسم غيابك) حيث هذا النوع من التشبيه لا يوضع فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة... اي من غير أركان التشبيه بل يلمحان من السياق والمعنى والتركيب... حين تشبه شاعرتنا الفراق بسم سيقتل مشاعرها واحاسيسها والذي سيقضي على كل شيء... هنا نجد مدى المعاناة ومدى الشوق الذي تربع على عرش الجسد... ولا نجاة الا بعودة الحبيب حتى تحيا وتتحرك المشاعر والأحاسيس من جديد.
ونقف هنا على دقة الوصف وجمال السرد ( لا ترحل بعيدا فذاكرتي سيصيبها الزهايمر بعدك) ما هذه المعاناة... ما هذا النداء الذي يجعل الصخر ينطق... والجبال تنحني خشية منه... والطيور تهاجر عشها... والسماء تمطر دما... فرحيلك سيفقدني ذاكرتي... سأكون كطفلة شقية... وسافقد هويتي ووطني... فكما للشعر سطوته الجمالية كذلك للنقد سلطته الجمالية التي تجعل النص الشعري يكتسب قيمته وأهميته... فأمنحيني يا سيدتي ان يكون لي نصيبا في هذه الملحمة الشعرية قائلا... سيدتي ارحمي قلمي... قد جف حبره وعجز عن وصف القمم... جئت سائرا إليك ابحث عن ديني ولغتي... بدأت أسطري تتراقص تعلو تدنو اجلالا لك وتنحني.
الدكتور والاديب والشاعر والكاتب القاص... زياد اللوباني
قلم العروبه